الأربعاء، 16 فبراير 2011

أدب المنتديات الواقع والمأمول
                                         بقلم/ عبد الحافظ بخيت متولى
يرى الدكتور زكى نجيب محمود أن العصر ليس عددا من السنين يكبر حينا ليمتد بضعة قرون ويصغر حينا ليكفيه قرن واحد أو بعض قرن وإنما العصر المعين فكرة أساسية  تسود الحياة وتصبح محورا تدور حوله مسالك الناس ومنا شطهم ومن ثم يسمى العصر باسمها  فمثلا حين نقول إن هذا العصر عصر العلم فمعنى ذلك أن فكرة التقدم العلمي قد سادت منا شط الحياة وأصبحت محور اهتمام الناس وارتبط به التفكير المركزي للعصر ونحن ألان إذ نحد أن فكرة التقدم التكنولوجي قد سادت وأصبحنا في عصر المديا والميتا  فأننا نعيش الآن لحظات فارقة بين عصرين من عصور النشر، هما النشر ألورقي والنشر الإلكتروني، تمامًا مثلما عاشت البشرية تلك اللحظات الفاصلة عندما اخترع يوهان جوتنبرج حروف الطباعة في عام 1465 م ، فتحقق لعالم النشر قفزةٌ نوعيةٌ هائلة وصفها مارتن لوثر ـ مؤسس المذهب البروتستانتي ـ بأنها "أسمى فضائل الرب على عباده واستفاد منها المجتمع الإنساني طوال القرون السابقة   والآن يعيش إنسان هذا العصر نقلة نوعية أخرى على مستوى الوسيلة التي ربما تؤثر في المضمون، وفي شكل وطريقة الكتابة وكما جعلت آلة الطباعة الناس مدركين لعوالم أبعد من قراهم ومزارعهم، فإن ثورة المعلومات تبني وتَصهر ثقافة كونية واحدة من آلاف الثقافات الصغرى ومع ذلك فهناك قلة اختارت أن تعيش في الماضي، مازالت تجادل في قيمة أجهزة الكمبيوتر كأداة للإنجاز وهؤلاء لن يستطيعوا أن يوقفوا مسيرة التكنولوجيا، وعلينا أن نأخذ في الحسبان أن الأشخاص الذين جاوزوا سن الأربعين فقط هم الذين يحبون القراءة (التقليدية)، ويشعرون أن الكمبيوتر مصدر تهديد لهم، أما بالنسبة للأطفال فإن العكس هو الصحيح (فعادة ما توتر أجهزة الكمبيوتر أعصاب أي شخص إلى أن يفهمها جيدا، والأطفال هم الاستثناء                                             
لذا فإننا الآن أمام مفترق طرق ووضع صعب، فمع احتياجنا لترسيخ إحدى قدمينا في أساسيات الماضي، نجد أننا بحاجة أيضا إلى انطلاق الأخرى قدما نحو المستقبل
لقد قدم الإنترنت لكل العلوم الإنسانية وسيلة متطورة ذات أثر عظيم على مستقبل البشرية، وبالتأكيد كان نصيب المجتمعات العربية منها كبيراً ومهماً، وإذا تحدثنا عن الثقافة بشكل خاص فإنّ الإنترنت أسهم في توسيع نطاق الكلمة، وسهّل وصولها إلى القارئ على نطاق واسع لم يكن متاحاً من قبل. ولا أرى أنه سيخلّ بمعايير النشر، أو يؤثر على مستوى الأدب. إنه ما زال ينمو في المنطقة العربية، ويتطور وينتشر أثناء تطوره بخطوات سريعة، وربما يعود سبب عدم مشاركة جميع الكتّاب العرب والمثقفين حتى الآن في مجال النشر الإلكتروني إلى التردد، أو الصعوبة التقنية، إلاّ أن هذا الأسلوب الحديث في النشر سوف يغدو شاملاً بالنسبة للجيل القادم.
وقد يشعر البعض أن سهولة استخدام الإنترنت تؤدي إلى انخفاض مستوى المضمون في النشر، لكن هذا الشعور لا مبرر له حين نفكر في المستقبل القريب، لأن النشر الإلكتروني ما زال حديثاً حتى بالنسبة للعالم الذي صنعه، أي الغرب، والأدباء الغربيون مثل الأدباء العرب ما زالوا مترددين حياله، بَيدَ أن المثقفين من رسامين وموسيقيين ونقاد وصحفيين وأكاديميين أصبح النشر الإلكتروني أداتهم الأولى للتعريف بأعمالهم. إن الزمن والاعتياد، ثم الحاجة، تلعب دوراً في تأكيد قيمة كل اختراع جديد، بعدها تظهر القواعد والمعايير.
ولو دخلنا اليوم إلى المواقع العربية، وهي بالآلاف، لوجدنا كمّاً هائلاً من القصائد والقصص والروايات والمقالات، ليست كلها بنفس المستوى، مع ذلك لا أرى في هذا خطراً لسببين، الأول:
إن مشكلة مستوى المضمون الذي يتراوح بين الجيد والعادي خلقتها أصلاً دور النشر الورقي العربية، فهي تقدم للمكتبات الجيد والرديء، وبينهما العادي، وفي غضون السنوات العشرين الماضية أصبح العادي أكثر مئات المرات من الجيد في مجال الأدب. والثاني:
كلما ازداد النشر الإلكتروني بين الشباب والشابات كلما تأسست قاعدة واسعة لإفراز كتّاب جدد، مع عدد أكبر من القراء.
 وفي الحديث عن  النشر الورقى والاليكترونى، لا ينبغي أخذ النشر الورقي العربي كمقياس، إنه ببساطة تابع لما يحصل للنشر الورقي في الغرب من تطور، وهو مقلّد سيئ لأساليب بقية العالم فيما يتعلق بالسوق والطلب، لذلك يبدو أن النـزاع الحالي في الغرب يتركّز بين الصورة والكلمة، والصورة بكل أشكالها التعبيرية منازع قوي في هذا المجال، نقطة ضعفها الوحيدة نـزوعها إلى تحقيق الترفيه، بينما تنـزع الكلمة إلى العمق، وتستثير التأمل ومناقشة الذات، وهذا ما يحتاجه الإنسان في مراحل متوسطة ومتأخرة من حياته، أو في أي مرحلة من حياته عندما يصادف أزمة ما.
على الصعيد الإلكتروني قدمت الشركات أجهزة متطورة تنقل للإنسان الصورة والصوت في أي مكان يوجد فيه، ثابتاً أو متحركاً، أعني (الموبايل) الذي يستقبل الآن المباريات وبرامج التلفزيون والأخبار، إضافة إلى أجهزة أخرى صغيرة وخفيفة تنقل أو تشغّل أقراصاً مدمّجة لأحدث الأفلام، ومن جانبها قامت دور النشر بكتابة نصوص أدبية على نفس الأقراص، بحيث يمكن قراءة رواية في قطار أو باخرة، وقصص قصيرة في طائرة، وفي ثلاثينات القرن الماضي سجل أهم الشعراء الغربيين قصائدهم على أشرطة، ثم على اسطوانات تدار في سهرة، ومن يومها غدت أصوات الشعراء وطريقة إلقائهم مألوفة لعدد كبير من القراء، وعلى أثر ذلك أصبح الإلقاء ذاته فنّاً ملازماً للقصيدة.
وهكذا نرى أن التطور لا يغفل شيئاً، إنما يُغفل الإبداع، عموماً، في الدول المتخلّفة، والمجتمعات الناعسة، فلن تخسر الكلمة جانباً من دورها وأهميتها على صعيد النشر الإلكتروني.
 وقد يتصور البعض أن النشر الالكتروني في العالم العربي أساء إلى اهتمام القارئ بالمنتج الإبداعي العربي  وهو تصور خاطئ فلم يسيء النشر الإلكتروني إلى اهتمام القارئ بالمنتج الإبداعي العربي، لأن أغلب المهتمين بما ينشر في الإنترنت يمثلون طليعة جيل جديد، يبدأ اهتمامه بالمعلومة وينتهي بالنص الأدبي، قدمت له بعض المواقع نصوص الكثير من الكتّاب العرب المعاصرين فتعرّف عليهم، ويوجد نوعان من قراء النشر الإلكتروني: من يهتم بكل شيء جديد في الحياة ليتعلّم منه ويفهم حقيقة ما يحيط به من أفكار وأساليب حياة، ونوع منغلّق، تربى على أفكار دينية أصولية ذات توجهات سياسية، خضع إلى توجيه يقوم على الكذب والتهويل ، بما في ذلك الشعوذة التي تجذب بعض المراهقين والشبّان حين تقدم لهم صوراً عن جنّة تهتم بمتطلبات الجسد المكبوت أكثر من اهتمامها بمثالية الروح التي توليها الأديان الأخرى اهتماماً أكبر.
لكن بشكل عام فتح النشر الإلكتروني باباً واسعاً وسهلاً لعدد هائل من القرّاء  للاطلاع على الثقافة والأدب، وسمح بالتواصل بين القارئ والكاتب، وبين العرب المهاجرين والعرب المقيمين في بلدانهم الأصلية، فلأول مرّة نتعرّف على مثقفين وكتّاب عرب يعيشون في كندا منذ سنين لم نكن نعرف عنهم وعن كتاباتهم شيئاً، كذلك تعرّفت من خلال المواقع والرسائل الإلكترونية على كتّاب وناشطين ثقافيين في أمريكا وأوربا، واستراليا،

 واتصورأن النشر الالكتروني لم يسهم في إعطاء فرصة أكبر للمواهب الثقافية والأدبية العربية في إسماع صوتها والتعريف بنفسها في الوسط الثقافي العربي فحتى الآن لم يحدث هذا، والسبب يعود إلى قلة التفات الوسط الثقافي في البلدان العربية لما يظهر من نشر إلكتروني، لأن هذا الوسط مازال متردداً وخائفًا إزاء النشر الإلكتروني، والمجلات أو الصفحات الثقافية في الصحف اليومية واقعة تحت الخوف والتردد ذاته، وكأن الجميع ينتظر القنبلة الكبيرة، أعني النصّ الأدبي اللافت في النشر الإلكتروني ليكسر الحاجز. هنا أعتقد أن على المؤسسات الثقافية العربية، الرسمية أو المدنية، المبادرة إلى دعوة عدد من أصحاب مواقع النت الثقافية للمشاركة في المناسبات والمهرجانات أسوة بمحرري الصحف والمجلات الثقافية للتعرف عليهم وسماع رأيهم، وستكون هذه خطوة أولى، لأن بعض مواقع النشر الإلكتروني لا يقل كثيراً في أهميته عمّا تنشره الصفحات والملاحق الثقافية في الصحف الورقية. فالإضافة إلى القصة والشعر والرواية والنقد تنشر مواقع الإنترنت نصوصاً روائية ومسرحية كاملة، عربية ومترجمة، وهذا ما لا يفعله النشر الصحفي الورقي لضيق المساحة المخصصة للأدب فيها. وأظن أن أكثر أصحاب المواقع يعملون ضمن إمكانيات شحيحة، ويتولاها أفراد قلائل جداً يكرسون ما يفيض من وقت عملهم الحياتي لترتيب النصوص وتحميلها والاتصال بالكتّاب والمثقفين للمساهمة في النشر لذلك أقترح على منظمي المناسبات الثقافية والأدبية إشراك هؤلاء المثقفين في ندواتهم ومهرجاناتهم، لأن النشر الإلكتروني أصبح واقعاً موازياً في نشاطه ومستواه للنشر الورقي.
 " ولكن هل النشر الالكتروني سيُغيّر بشكل جذري وتدريجي ملامح عالم النشر كما نعرفه اليوم".ليس هذا رأيًا شخصيًا، بل مقولة تتردّد كثيرا على صفحات الدوريات الثقافية الغربية في شكل نبوءةٍ لاتمت بصلة إلى تداعيات الخيال الأفلاطوني. فالمسألة اليوم على مايبدو لم تعد تتعلّّق بشرعية هذا النشر أوانتشاره أو قدرته على البقاء ؛ هذا الموضوع قد حُسِمَ برأي الكثيرين وتم الانتهاء من مناقشته. بل تتعلّق بمقدار التأثير والتغيير الذي سيحدثه النشر الالكتروني وانتشار استعمال الأنترنيت – في البلدان العربية خاصة- على النص  الطباعي التقليدي وعلاقته مع قارئه ( التقليدي أيضا) في هذه الحقبة من تطور البشرية.
 إذا أخذنا بالأرقام التي يذكرها الباحث التونسي الأستاذ الحبيب الإمام في كتابه "الاقتصاد الثقافي"، نقرأ أن معدل نشر الكتاب في العالم العربي لم يتجاوز نسبة 0.7 % بحساب النسبة  المئوية لحركة نشر الكتاب في العالم في حين تصل نسبة النشر بأوروبا إلى 54% و23% في آسيا حسب آخر تقارير اليونسكو. وضمن متعة استعراض الأرقام الدالة على الحركة الثقافية العربية، نقرأ أنه في مجال توزيع الصحف عبر العالم لم يتجاوز نصيب الدول العربية 1.52%، بينما تتجاوز نسبة توزيع الصحف في أوروبا 24%.
طبعًا لاأحد ينكر ارتباط هذه الأرقام بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في العالم العربي، ولكن تصدمنا هذه الأرقام في حجم تخلفها عن الأرقام العالمية.
 أتى ظهور الكومبيوتر في منتصف القرن العشرين، ونتاجاته المتمثلة بالنشر الالكتروني وغيره، ليشكل امتدادًا للثورة الطباعية، وإذا أردنا التركيز على قراءة النتاج الأدبي، فمن الصعب على أي شخص إعطاء أرقام دقيقة عن أعداد القرّاء لقصيدة شعرية عبر الأثير، لكن تواجهنا الصعوبة نفسها في تقدير عدد القراء لنفس القصيدة لو كانت منشورة في إحدى الملاحق الثقافية لإحدى الصحف. ويبقى في خانة المتحمسين للنشر الالكتروني قدرة التأكيد على الأقل أن أي نص عبر الأنترنيت سيكون بالإمكان قراءته في أماكن ومن قرّاء لاتحلم أي مطبوعة بالوصول إليهم. هذه الحريّة في الإبداع وهذا السحر الخاص المُلازم لفورية وعفوية النقل والتلقي يقذفان بنا ضمن هذا الوسط الجديد في مغامرة من نوع جديد، من الصعب الحكم عليها بشكل نهائي ، لكن بدأنا نرى ملامحها الأولية تتشكل في تحولات كبيرة لامثيل لها في عالم النشر.
لاشكّ إذًا أن شبكة الأنترنيت استطاعتْ فرض رؤية جديدة لمفهوم المسافة بأبعادها الفيزيائية والثقافية والاجتماعية، ولم يعد على الكتّاب والمبدعين الانتظار طويلاً على عتبات أبواب الناشرين ومسؤولي الصفحات الثقافية المقيدين بدورهم بتعقيدات المساحة ومتطلّبات السياسات التحريرية.ولكن  مع الاعتراف بالمزايا المتعددة للنشر الالكتروني، مازالت هناك الكثير من التساؤلات والمشاكل المتعلقة بالطريقة والنوعية المرتبطة بسهولة هذا النوع من النشر. بالإضافة إلى عدم وضوح حقوق الملكية الفردية وإمكانيات القرصنة غير المحدودة المُتاحة في أثير الشبكة العنكبوتية، مما يترك معايير هذا النشر عبر الشبكة ضبابية وغير واضحة المعالم.
 واقع المنتديات الأدبية
، إن المنتديات الإلكترونية خلقت فضاءات للحوار والإبداع وتداول القضايا الشائكة، والبسيطة على حد سواء. ومنحت "المواطن" العربي فرصة التعبير، والإحساس بالحرية. ومنحته هامشا لتأسيس فضاء الثقة بينه وبين ذاته، وعقد المصالحة بين لغته وأفكاره والعودة مجددا إلى تلمس مشاعره التي نسيها تحت ضغط الرقابة الذاتية المتولدة عن الرقابة الخارجية، و "الفوبيا" التي خلفها القمع السياسي وكبت الآراء لكن المنتديات كفضاءات مفتوحة على كل أشكال التعبير. وعلى كل مستويات الوعي، والثقافة، والخبرة والتجربة، تجعل التفاعل غير متكافئ. والمنتديات التي تصفحتها وتابعتها قبل كتابة هذا الموضوع أبانت عن هنات منها
• ضعف المعرفة بفرضيات العمل الرقمي. ومن ثمة أصبحت المنتديات عبارة عن صورة طبق الأصل للسائد في المجلات والصحف بفارق مهم وهو "الوقت" أي السرعة في التفاعل وسرعة النشر، بل تحكم الشخص فيما ينشره خطا وحجما ورسما ثم الحرية في التعبير والقول
• التعليق على المواضيع المطروحة يجنح غالبا إلى المديح والتقريظ أو العكس، ولا يلمس الجوهري في القضايا والمسائل المعرفية. وهذا ضعف في التفاعل والتواصل
• ميل القراء "المتصفحين" إلى التعليق على المواد "الخفيفة" والقصيرة، وتجنبهم الخوض في القضايا الأدبية والفكرية والسياسية...ولعل هذا يرجع إلى التركيبة المتنوعة وغير المتجانسة التي تتكون منها المنتديات*  بعض التعليقات تخص "الكاتبات" دون الكتاب. وهي مهمة لو أنها تناقش النصوص الشعرية والسردية وتتحاشى التغزل في الصور. ولعل عددا من "الكاتبات" انتبهن إلى هذا فأخذت صورهن المرفقة مع المواضيع المنشورة تخرج عن المألوف. أي الصور الفوتوغرافية "بورتريهات" بطائق التعريف، وجوازات السفر...ولعل انتشار الكاميرات الرقمية وكاميرات المحمول ساعد على ذلك. ولم تعد "الكاتبة" تتورع في إرسال صورة التقطت لها في حفلة خاصة، أو في نزهة على شاطئ البحر، أو في غرفة، أو في شارع عمومي. وأخريات حجبن صورهن حتى لا يعلق القارئ إلا على النصوص المنشورة. وهذا معيق آخر أمام دخول العالم الرقمي وتبقى المنتديات الإلكترونية بالغة الأهمية في التعبير الحر لدى فئات واسعة من المثقفين الذين لم تتح لهم ،لأسباب مختلفة، فرص النشر على الورق، وبالتالي تبليغ أصواتهم وآرائهم إلى الناس. كما تضم المنتديات عددا من القضايا الجوهرية والهامة، المصيرية. ويكتب بها كتاب لهم مكانتهم وجهدهم الشخصي، ورؤيتهم الواضحة للعالم الجديد والقديم
المواقع الشخصية
المواقع الشخصية مهمة جدا لأسباب متعددة أولا لأنها شخصية وينشر بها الكاتب إنتاجه الأدبي أو الفكري وآراءه الشخصية في القضايا السياسية الخاصة ببلده والعالم، ويقدم تحليله للوقائع السياسية كذلك تحت مسؤوليته الشخصية ثانيا يختار قراء نصوصه، وله الحق في السماح لمن يشاء بالتعليق. لأنه لا ينشره على العموم وبالتالي يقطع الطريق أمام أولئك الذين لم تنضج بعد تجربتهم ووعيهم بالخطورة التي يتضمنها العالم الرقمي. لذلك يترك الكاتب بريده الإلكتروني، أو يضع دفترا خاصا بالزوار. أو يترك موقعه الشخصي خلوا من كل عنوان والموقع الشخصي له كل المقومات التي تطمح إليها الكتابة الرقمية، والصحافة الرقمية. أي أنه يتضمن الكتابة بالحروف التقليدية، لكن معها كل المؤثرات السمعية البصرية. وهنا الثورة الحقيقية والجديدة المختلفة بين الكتابة الورقية والكتابة الرقمية. لأن الموقع الشخصي يحتوي على كل المساعدات لإنشاء رواية أو قصة أو قصيدة شعرية تقرأ /وتسمع/ وتشاهد/ في دينامية وحركية مؤثرة وشائقة
واقع الأدب الالكتروني العربي
وإذا استعرضنا الواقع العربي حول كيفية تلقى الأدب الرقمي أو الإيمان به فإننا نلاحظ أن الأدب الرقمي في التجربة العربية يعيش - شأنه شأن كل جديد في المعرفة والفكر_ حالة من التجاذب، بين القبول والرفض. وهي حالة نقرأ من خلالها صراع الوعي الثقافي العربي الذي يعيش لحظة الانتقال من مستوى وسيطي إلى آخر وإن التفكير في التجربة الإبداعية الرقمية في المشهد الثقافي العربي، هو تفكير في مستوى من مستويات الحداثة في الممارسة العربية... ذلك أن عملية بناء تصور حول تجربة الممارسة الأدبية الرقمية في المشهد العربي، تتميز بالأهمية والخطورة في ذات الوقت، لأنها بمثابة شمعة وسط ظلام كثيف
تشهد الساحة العربية حراكا ثقافيا نوعيا في الآونة الأـخيرة تتجه بوصلته نحو محاكاة تجارب جديدة في الكتابة الحديثة، في محاولة لملامسة تجريب مهم على الصعيد العربي والعالمي في ما يسمى بالكتابة الرقمية، والإبداع الرقمي، والثقافة الرقمية، حيث أن الأدوات الجديدة اتصاليا ومعرفيا طرحت نفسها بقوة لقيادة موجة من التغيير في بنية الذهنية الكتابية، والمنجز الإبداعي، والزخم الثقافي.
لكن هذه الموجة على أهميتها ما زالت تدور في إطار التنظير لها، ولا يوجد إلا تجارب محدودة تجاوزت العناوين العامة، لتدخل في خضم التوثيق، والنقد، والإبداع الفعلي والملموس في هذا الإطار ولكننا نتساءل
    ما ماهية الأدب الرقمي، وهل الأدب الرقمي استمرار أم انقطاع في نظرية الأدب؟ وما مفهوم الأدب بين رهان التخيل وسلطة التكنولوجيا؟  ومن هو المؤلف الرقمي، ولماذا هو مؤلف؟ ومن هو الناقد الرقمي ؟و أخيرا ما هي إشكالية التلقي والتعامل مع هذا الأدب الجديد الذي يطل علينا متسلحا بآخر ما وصلت إليه التكنولوجيا وكيف نجنس هذا الأدب الرقمي ونصنفه؟ 
مازالت هذه الأسئلة تبحث عن إجابات حتى الآن وذلك لأن  كل ممارسة إنتاجية جديدة  للفكر والثقافة والإبداع، تثير تساؤلات حول شرعيتها، ومدى قدرتها/فعاليتها على خلق مساحة أوسع لتفجير طاقات التفكير والخلق. وهي تساؤلات يحصنها مبدأ فلسفي، يعتبر كل انتقال حضاري، هو بمثابة انتقال في أسئلة الواقع. ثم في وسائل التفكير في الواقع.  و  أن انتقال الحضارات من مستوى تواصلي إلى آخر، أكثر استثمارا لتطور الفكر البشري- الذي فيما هو يطور أدوات تفكيره، فيما هو  يسعى إلى حياة أكثر انفتاحا على الخلق والإبداع وتجديد الرؤية- يولد أشكاله التعبيرية التي تعبر عن حالة الوعي بهذا الانتقال ومع ذلك ما تزال هذه الأسئلة قيد التأمل والبحث عن إجابات علمية مقنعة على مستوى الإبداع الرقمي العربي وإذا كان البعض يرى أن الأدب الرقمي هو التجلي الثقافي الأهم للعصر الرقمي الذي بدأت البشرية العيش فيه فان البعض الأخر يرى أن الكتاب هو تجلى حضارة امتدت لقرون طويلة في تأصيل الفكر الابداعى وتوارثه والحفاظ عليه عبر الكتابة الو رقية لتنتفع به الأجيال اللاحقة وتعمل على تطويره وعلى هذا الكتاب فام الفكر العربي وأبدع فى تأصيل معطيات حضارة مازالت تمثل إشكالية مهمة للآخر حتى الآن                                                                                           ولنا أن نتساءل عن مكانة العقل العربي في هذا العصر الرقمي ومدى قدرة الثقافة العربية والكتاب والمثقفين العرب بل والنظام الرسمي العربي في العموم على الدخول إلى هذا العصر والواقع الانى لتجليات الأدب الرقمي العربي والإجابة عن هذا التساؤل تشير إلى  أننا ما زلنا في عتبة الدخول لهذا العصر وأن اغلب ممارساتنا جاءت في الباب التنظيري وليس التطبيقي إذا ما استثنينا بعض التجارب العربية القليلة لبعض أعضاء اتحاد كتاب الانترنت العرب ومنهم تجربة محمد سناجلة التي تعد اختراقا متميزا لحالة التردد والشك والجمود التي استقبلت بها الثقافة العربية في العموم تحديات الثورة الرقمية،   ولكن هل قدرنا في المشهد العربي أننا مع كل تحول فكري صناعي معرفي إيديولوجي معلوماتي تقني عالمي، أن نظل نعيش الحداثة تنظيرا ونسعى إلى فهمها؟                                        .وهل قدرنا أن نظل نعيش تبعات التحولات الحياتية والمفهومية التي تعرفها البلدان التي  تبادر إلى الانخراط في التحول الحضاري، بإيجابية مؤسساتها ومجتمعاتها                                                                                                                                                                       إن هروب النقاد والباحثين من الأسئلة التي تطاردهم مع ولادة الأدب الرقمي وخشيتهم من تناول هذا المنتج بالبحث والتحليل مؤكدة \'إن تناول هذا الإنتاج الأدبي الرقمي العربي بالتحليل والمساءلة، يعد واجبا حضاريا بامتياز، من منطلق كون  قراءة العمل الأدبي هي عبارة عن لحظة التفكير بأدوات المرحلة وترى الباحثة السورية زهور كرام أن عملية التأليف الأدبي الرقمي تعرف انتشارا مهما في التجربتين الأمريكية، والأوروبية بفعل إيجابية الشروط التقنية والمعلوماتية للمجتمعات الأمريكية والأوروبية، والتي تسمح بالانخراط الموضوعي إنتاجا وإبداعا في الثقافة الرقمية، في حين  أن التجربة العربية ما تزال تعرف بطء من حيث إنتاج الإبداع الرقمي، وذلك لأسباب بنيوية ذات علاقة بموقع التكنولوجيا في الحياة العامة والعلمية في المجتمعات العربية. غير أنه إنتاج العرب وإن كان ضئيلا، فإنه يعبر عن تحد  حضاري تقني وإبداعي كبير، يفرض شرط احترامه وتقدير ريادته في الزمن العربي الحالي، ولهذا، فإنه إنتاج يحرر النقد العربي أيضا من أسئلته المعتادة ولسنا على يقين تام بمسالة التحدي الحضاري العربي في مجال الإبداع الرقمي ففي الوقت الذي أوشكت فيه أوربا أن تضع تقنية نهائية للإبداع الادبى عبر النشر الرقمي ويخرج الكتاب الرقمي وينتشر في أوربا ومع ذلك فهو لم يقض على الكتاب الو رقى فان الذين وصلوا إلى قمة التطور في نشر الكتاب الرقى بكل أشكاله فان الغرب مازال يقرا الأدب الو رقى والدليل على ذلك رواية "شفيرة دافنشى" الو رقية لبراون التي زاد عدد توزيعها على مليون نسخة في وقت قصير ونحن مازلت تحاربنا قاصرة فى هذا المجال وان ما نشر من كتب الكترونية لا يتعدى عدد الأصابع ونحن نصفق لهذا النشر ونعتبر أنفسنا أننا حقننا شكلا غير مسبوق فيه
هل الادب الرقمى استمرار ام انقطاع؟
تطرح الباحثة  زهور كرام سؤالا نقديا هاما انشغل في الإجابة عنه عدد كبير من منظري الأدب الرقمي ونقاده في أميركا وأوربا، وهو هل يعتبر الأدب الرقمي استمرارا أم انقطاعا في نظرية الأدب، وترى كرام أن الأدب الرقمي هو تطور حدث ويحدث على النظرية الأدبية ولا يشكل انقطاعا عنها وتستشهد في هذا المقام بمقولات أحد أوائل المنظرين للأدب الرقمي وهو جورج لانداو  على الأخص  في سعيه إلى إيجاد عناصر مشتركة، بين نظرية الأدب من خلال مجموعة من المنظرين للنص الأدبي( بارت، فوكو، باختين دريدا..) ، وبين مفهوم النص المترابط، معتبرا أن الكثير من اطروحات رولان بارت حول مفهوم النص باعتباره نظاما، ومفهوم القارئ باعتباره منتجا للنص، وليس مستهلكا، إضافة إلى مفهوم اللامركزية التي اقترحها دريدا ،  وتعدد الأصوات باعتبارها تعدد ا لأنماط الوعي، وليس تعددا لخصائص الوعي، كما اقترحها  ميخائيل باختين ,  إنها مجموعة  تصورات وطروحات وأفكار يعتبرها  لاندوو من أساسيات مفهوم النص المترابط. وهو طرح نقدي يجعل نظرية النص المترابط لا تخرج عن  تاريخ نظرية الأدب، التي لم تقم إلا من خلال التعايش مع نظريات مختلف الحقب الأدبية والنقدية ومع ذلك يبقى الأمر معلقا فان ما طرحة باختين ودريدا يحتاج إلى تأكيد نصي وتطبيق في محالات أوسع للإبداع الادبى حتى نصل إلى معطى نظرية الأدب الرقمية وماهيتها وهل هي امتداد فعلا لنظرية الأدب التي نعرفها من خلال النشر الو رقى أم لا؟ وليس بالضرورة أن نعتبر فهم باختين لنظرية  وغيرة لنظرية الأدب الرقمي صالحا لمعطيات الأدب العربي الرقمي إذا جاز لنا هذا التعبير
 وهنا يمكننا ان نقول إن الكتابة والنشر في الانترنت شيقة وجذابة جداً .. وهي تتميز بالسرعة الفائقة وبإمكانية تصحيح العبارات والكلمات وتعديلها مباشرة أو خلال دقائق او ساعات ..وهذا لايتوفر أبداً في الكتابة الورقية والمطبوعات ..وإذا توفر يحدث بعد مدة طويلة في الطبعات القادمة المنقحة للكتب ، أو من خلال تنويه واعتذار عن خطأ مطبعي في العدد التالي من الصحيفة أو المجلة الورقية والكتابة الإلكترونية (في الانترنت )  تتميز بإمكانية إضافة الألوان والصور والصوت إلى المادة المكتوبة مما يحسن في جاذبيتها للقراءة .. ولايتوفر مثل ذلك في الكتابة الورقية إلا بزيادة كبيرة في سعر المطبوعة وتكلفتها . كما لاتتوفر أمكانية إضافة الصوت أو الصورة المتحركة إلا في تقنيات التلفزة وإن استسهال الكتابة في الانترنت والتعبير عن رأي او موضوع معين وبطريقة سريعة أدى بشكل أو بآخر إلى نقص أهمية كتابات معينة على الانترنت منها على سبيل المثال كتابة المسرح مقارنة مع الكتابات الورقية المطبوعة ..وهذا صحيح جزئياً ولاسيما في حال الكتابات في المنتديات المتنوعة أو المواقع التي لايشرف عليها اختصاصيون أكفاء وهناك مواقع موثوقة وتقوم عليها مؤسسات أو جهات رصينة لاتنطبق عليها مثل هذه الأحكام .. ولكن يبقى للكتاب المطبوع عموماً وغيره من المطبوعات ، هيبة خاصة ورصانة تتناسب مع الجهد المبذول في سبيل إصداره وتمويله وإخراجه وكتابته وتنقيحه وتوزيعه
وإن الكتابة والنشر في الانترنت تتميز بالمكافأة الفورية ..حيث تستطيع أن تقرأ ما كتبته فوراً منشوراً في الفضاء العالمي من خلال شاشة الكومبيوتر بالطبع .كما يمكن للمادة المنشورة أن تنشر في عشرات المواقع الأخرى من خلال تداولها وبسرعة كبيرة ، أو من خلال إرسالها عبر البريد الإلكتروني والقوائم والمجموعات البريدية حيث يمكن إرسال موضوع معين لعشرات الآلاف أو لملايين العناوين البريدية خلال دقائق .. وهذا يحقق الانتشار الواسع للكاتب ، ويجعله عابراً للحدود المختلفة ، ويزيد من عدد القراء بنسبة خيالية ..وكل ذلك يمثل مكافأة ممتازة للكاتب ويرضي طموحه وربما يشجعه ويحفزه على الكتابة أيضاً بينما يتحدد النشر الورقي بمدى توزيع المادة المطبوعة ( بما فيها الرسائل البريدية ) وانتشارها وبالتالي بعدد قرائها المحدودين عددياً وجغرافياً ويبدو أن مشكلات انتشار وتوزيع ونقل المادة المطبوعة وتفوق النشر الإلكتروني الحاسم في ذلك سيبقى نقطة محورية لصالح النشر الإلكتروني ولفترة زمنية طويلة كما أن الفقر فى المجلات الأدبية في مصر على سبيل المثال يتيح الفرصة الأكبر لعملية النشر الالكتروني
و ويرى البعض ان معنى هذا أن النشر الالكتروني للأدب عبر المواقع والمنتديات قد يحول الأدب بكل صنوفه إلى ما يشبه وجبة " التيكى واى" وهى وجبة لا ثمن ولا تغنى من جوع وإنما وجبة سريعة الاستهلاك لاتبقى أثرا في واعية المتلقي ومن ثم فان هذه الظاهرة يمكن أن تهدد مستقبل الدور الادبى في التغيير السلوكي الثقافي والفكري كما أن النشر الالكتروني  يتيح الفرصة إلى تكريس الشعبي والعامي وأحيانا الغرائزي على حساب الإبداع الحقيقي في مجالات الحياة المختلفة، ولا يمكن أن نتوقع معه مستقبلا واعدا للإبداع الادبى الحقيقي
ولم تسلم الحركة الأدبية من شظايا انشطا ر آثار (الفيس بوك) إذ أضحى وسيلة دعاية وإعلان مؤثرة في توزيع الكتاب وشهرة كاتبه وفي إطار ذلك يتم وضع صورة لغلاف الكتاب مع نشر جزء منه يتبعها تقريظ من القراء لهذا الجزء مع عبارات تهاني لقرب صدور الكتاب ورقياً - وفي تقرير لبغض الباحثين أورد فيه أن الظاهرة في مصر بدأت (بإنشاء مجموعات على الفيس بوك لمحبي أعمال الكتاب الكبار كمجموعة محبي فؤاد حداد وصنع الله إبراهيم وإبراهيم أصلان وبعد ذلك بدأت بعض دور النشر أو محبوها في إنشاء مجموعات للترويج للكتب التي تصدرها مثل دار الشروق وملامح ودار ميريت) وقد تحولت هذه الطريقة في الإعلان إلى حد الاحتراف إشرافا وترويجاً وقد تمثل ذلك في طه عبد المنعم الذي أصبح اسماً يطلبه الكتاب للترويج لأعمالهم الإبداعية التي سوف تصدر والصادرة أيضا. فعن طريق التواصل الاجتماعي في (الفيس بوك) تأتي الدعاية للكاتب أو لحدث ثقافي من خلال المقتطفات أو المقالات. يقول صاحب مجموعة على (الفيس بوك) طارق إمام والذي روج لروايته (هدوه القتلة) على الموقع قبل أن تصدر، ونتيجة لهذا الترويج نفدت خلال ثلاثة اشهر - يقول: (من سلبيات الفيس بوك أننا نرى عبره نماذج كثيرة للكتابة نظن أصحابها كتاباً حقيقيين ثم نكتشف من خلال قراءة عدة نصوص لهم أنهم ليسوا سوى مراهقين يقومون بتجربة أنفسهم في خطوة أولى للكتابة ويصف البعض أن كتابات شباب الأدباء على (الفيس بوك) استهلاكية وتتسم بالسطحية وتغازل المراهقين. ان كان هذا حال كتابات الشباب المغمورين فماذا عن حال مجموعات كبار الكتاب على (الفيس بوك) مثل إبراهيم أصلان وخيري شلبي؟ إن المشتركين في مجموعات هؤلاء تفيد في متابعة أخبارهم من حيث صدور نصوصهم الإبداعية الجديدة والمقالات والدراسات التي تكتب عنها مما يعطي شكلاً (من إشكال التواصل بين الأجيال).
إن دور النشر والمكتبات المشتركة في (الفيس بوك) تهتم بالترويج للكتب الو رقية التي تقوم بإصدارها لبعض كتاب الفيس بوك. ويشير البعض إلى سلبيات النشر الالكتروني عامة خاصة بالنسبة للمبتدئين في الكتابة (الذين لم يتشكل ذوقهم الأدبي بشكل صحيح فيتأثرون بشدة ببعض الكتابات السطحية وبظنونها قمة الإبداع ولهذا إذا لم يصبح هناك وعي حقيقي فسوف يتكون جيل هش الثقافة)، إن مساحة الكتابة في (الفيس بوك) محدودة لكنها أسرع وأكثر تفاعلاً من المدونة، ولكن مجاملة الأصدقاء لمن يكتبون فيه لا يعتد بها في قياس الرأي العام لمدى أهمية ما هو مكتوب وهل بهذا الشكل تؤصل إلى أدب حقيقي عبر النشر الالكتروني"
كلمة أخيرة .. الكلمة المسموعة تبقى ..والكتاب يبقى ..وقد بقيت الكلمة المكتوبة آلاف السنين .. ويبدو أنها ستبقى ..وقد حفظت لنا الحجارة كتابات قديمة جداً .. ويمكن للأقراص المدمجة الحديثة ( الإلكترونية ) أن تحفظ لنا كتابات وكلمات عظيمة .. وكذلك الورق الذي يبدو أنه قادر على حفظ الكتابة ..سواء كانت كتابة في الانترنت حيث يمكن طباعتها .. أو من خلال الكتب والصحف والمجلات وغيرها من المطبوعات ..ولابد من التعاون دائماً بين " الكتابات الفضائية " و " الكتابات الو رقية " ولا يجوز الطلاق بينهما ، ويمكن أن يجري التبادل بينهما بشكل إيجابي ، بما يخدم مجتمعاتنا بشكل أفضل في ميدان العلوم الأدبية والاجتماعية والنفسية وغيره من الميادين ولن يتم هذا إلا بوجود وعى وثقافة شاملة للتعامل مع الكتاب الرقمي بما يخدم الترقي بالأدب والترقي بواعية المتلقي للأدب بحيث نضمن جودة عملية الإرسال والاستقبال في مجال الأدب بالشكل الذي يؤديه الكتاب الو رقى ألان
ونتحدث هنا عن مجموعة من التوصيات انتهينا اليها بع قراءات متعددة لما نشر عن الادب الاليكترونى منها:
- تزايد المبادرات الفردية، وغياب الأعمال المؤسساتية الكبرى التي يمكن أن يعوّل عليها في المستقبل.
- عدم الاستفادة من الوسائط المتعددة عند صناعة المحتوى؛ مثل تقنيات الصوت والصورة التي يحتاجها النص الأدبي على وجه الخصوص.
- عدم تغطية المجالات الأدبية بشكل عام حيث توجد ثغرات أهملتها المشاريع المقدمة وعلى رأسها الأدب الموجه إلى الأطفال والشباب بوجه خاص، والمسرح، وفنون المقالة، والسيرة الذاتية، وأدب الرحلة.
- عدم وضوح معالم التغيير التي يمكن أن تحدثها الممكنات الإلكترونية على صعيد آليات الكتابة وتكثيف المحتوى حيث لا يزال كثير من المواقع تقدم النصوص الطويلة التي لا تتواءم مع بيئة الشبكة الإلكترونية.
- انخفاض مستوى الاعتماد على المحتوى الذي تقدمه في الدراسات والبحث العلمي.
- غياب التنسيق بين المشاريع القائمة فعلياً حتى المؤسسي منها الأمر الذي يؤدي إلى مضاعفة الجهود وعدم الوعي بتحديات المستقبل.
- غياب مبادرة المؤسسات الراسخة في مجال النشر وصناعة المحتوى التقليدي عن فضاء الشبكة الإلكترونية الأمر الذي ساعد على وجود تجارب غير قادرة على استيعاب الاشتراطات المهنية للنشر وقوانينه.
- تواضع الجوانب الفنية في كثير من المواقع الأدبية الخليجية وربما كان مرد ذلك أنه جهد فردي يؤديه أشخاص غير محترفين في مجال تقنية المعلومات أو أنهم لا يستعينون بشركات متخصصة في الدعم الفني.
- ضعف عمليات تسويق المحتوى الأدبي الخليجي الذي تنتجه مؤسسات عريقة مثل المجمع الثقافي في أبو ظبي وموقع الورّاق.
- عدم وعي المؤسسات مثل الأندية الأدبية والجمعيات الثقافية بدورها في النهوض بصناعة المحتوى وتقديم نماذج ناجحة فيه.
- افتقاد كثير من المواقع لهيئات التحرير المسؤولة عنها فرغم التقدم الواضح لبعض المواقع الأدبية أن البعض الآخر ترك المجال واسعاً لتجارب بسيطة وضعيفة دون أن تجد من يرشدها أو يعمد إلى تقييمها أسوة بما يحدث في النشر الورقي التقليدي.
- عدم اهتمام المواقع بقياس وجهات نظر المستفيدين سواء عن طريق الاستفتاء المجزأ مع كل تحديث أو عن طريق الاستفتاءات الدورية.

وفي سبيل ترقية المحتوى الأدبي  على الشبكة الإلكترونية اقترحت الدراسة مجموعة من التوصيات أهمها:

- أن تبادر المؤسسات الأدبية بإنجاز الأدوار الملقاة على عاتقها في سبيل تقديم نماذج متكاملة تمثل النشر الإلكتروني الأدبي عبر الإنترنت تعكس المستوى الأدبي العام.
- بذل مزيد من الجهود لإتاحة فرص التنسيق والتلاقي بين المواقع الراهنة للاستفادة من عوامل النجاح، والتخطيط المشترك لالتماس طرق تجاوز العوائق التي تحد من نجاح المواقع الأخرى.
- أن تبادر المؤسسات الأدبية المعنية بفروع الأدب مثل الكتابة للطفل، وهيئات الكتاب إلى الاعتناء بالفنون الأدبية التي أهملتها المواقع الراهنة مثل أدب الطفل والمقال الأدبي وأدب الرحلة والمسرح.
- ينبغي العمل على تأسيس مواقع من مهامها تغطية النشاطات الثقافية وربط الجمهور الأدبي بالفعاليات مثل الندوات واللقاءات والأمسيات الأدبية، ونقل تفاصيلها إلى المستفيدين كما كانت الصحافة الثقافية تفعل ذلك.
- ينبغي على الجهات العربية المسؤولية عن الشأن الأدبي الخليجي عقد المؤتمرات والندوات لمناقشة سبل تطوير المحتوى الأدبي الخليجي، واقتراح الجوائز التحفيزية للمشاريع ذات الجودة لتعزيز حضورها ودفع الآخرين للسير على منوالها.
- أن تحرص المواقع الأدبية على تكوين هيئات تحرير تعمل على تقييم الأعمال وفرزها قبل إتاحتها عبر المواقع..
- توفير خاصية المؤتمرات، والندوات، واللقاءات الإبداعية عبر الإنترنت.
- ينبغي مراعاة توثيق المصادر التي يتم جلبها إلى المواقع، كما ينبغي توفير البيانات الببليوجرافية كاملة عند إيراد المقالات والدراسات.
-الاهتمام بقضايا حقوق الملكية الفكرية، والحد من استنساخ المواد من المصادر التقليدية، أو المواقع المماثلة على الشبكة دون الإشارة إليها.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق