الأربعاء، 16 فبراير 2011

ايها العابرون

 
أيها العابرون الأرض إلى بلاد
دفنت القلب طرا فى فيافيها
مروا حاديكم يردد همس أغنيتى
ويرسل الأشعار جهرا على قوافيها
دعوه يحمل أخباري لها سلفا
قبل انطفاء الكرى فى عين واديها
كم ادخرت لها شعرا بلا غسق
صبحا وليلا أفصله قلبا يدفيها
اسكنتها فى زوايا القلب عاكفة
ظلت الزوايا فى شوق تناجيها
من أى شُباك أنثى رُدَّ لى بصرى
وهوالمصنّف فى أبواب ناعيها
لى ما وراء الضنى أوتار أغنية
ولها فى الكرى موج شواطيها
كمية اللوم فى قلبى لم تزل
تنضج العتب الأحوى على فيها
وكنت قاب احتراق الشوق عن مُقَلٍ
توريه دمعا ونار الحب توريها
أقضى بعينى شوكا كلما ظفرت
بالبال تميمة أحزان تواسيها
يامن عبرتم إلى بلادها فجرا
أخبروا الغسق عنى قصة أرويها
أصبحت فى مهب الآه زفرتى
والوجد فى القلب مازال يناجيها

انتظار /

"1"
وكنتُ انتظرتُكِ وجهَ النهارْ
أغيب قليلا ً .. وأصحو قليلا 
وفي داخلي: 
بين ثلج ارتقابي 
ونارِ انتظاركِ 
ثار الشجارْ 
فأواه لو تعلمين 
وأواه لو تسبحين مع الدم 
في لحظة الانفجارْ 
فيا ليت كل التي واعَدَتْ عاشقاً 
جربتْ الانتظارْ! 
"2"
وكنت انتظرتك بالليلِ 
- مذبحة العاشقين! -
طويلا.. طويلا 
فقال لي الليل:
- صِفْها 
- لعليَ آتيك منها. 
ببعض ابتساماتها 
قلت يا ليل: 
- سلْ 
قال: ما طبعها؟ 
قلت: كالشمس دفئا 
وكالبحر موجاً غضوباً ولُجَّا 
وكالعطر إن ضاع بين القُبَلْ 
قال: ما لونها؟ 
قلت: لا أتذكر غير غيابي
وغير انسيابي مع الشَّعْر 
في لفتة الجيد في لحظات الخجلْ 
قال لي: ما اسمها؟ 
قلت: من باح زل، ومن زل ضل! 
"3"
وصفتك للّيلِ:
فَرْحًا وجُرْحًا 
وقدا ورمحا 
ونفحاً ولفحا 
وعينين للسحر ضخاختينِ 
وكفين بالدفء نضاحتينِ 
وخصرًا..
إذا رام بعض التثني
يغني 
وصفتكِ بين الرضا والتجني 
وصفتكِ بين يقيني وظني 
وبين انتظاري وبين التمنى 
وشيئا فشيئا 
تسربْت بين دموعي وبيني 
فما عدت أعرف 
إن كنت أبكي أسًى أم أغني!!

حين يملنى البحر
1.    هامش

تقول عصفورتى:


أى الأعضان استهوتك
لتستريح عليه
أنا ياعصفورتى كل الغصون
سواكِ هشيم لكنك
ألقيت بغصنى فى الجحيم""


متن
قال لى القطار
حين راودته عن سفر
البحر الذى اشتهاك ملّك
والرمال التى أحنت لك
حنّت لغيرك
بعثرت سرك على قارعة الطريق
واستباحت فى الهوى دمّك
فاخلع نعليك وخضب
برملك قدمك
فعصفورتك حين حطت على الغصن
حطت على أغصان غيرك
لا دفء شموس مراوغة يحيي القلب
سوى دفئك
***
قال لى النهر
حين راودته عن نسمة
لا نسائم اليوم تشفى غُلّك
وخرائط الغرام
أفناها الجَذْرُ حين تخلى
عن مَدّك
بالسر ما مَدّك
لكنه على طاولة القلب الخئون
مَدّك
لتشقى باللظى من جرح
مُدّك
عصفورتك غنت لكل الطيور حين
شَدَت لقلبك
***
غرد على أغصانك
واشرب كأس لظى حزنك
وحدّك
فكم شربت الكأس
وجرَّعته القلب
ما ملّك
فيا قلب دع بريق العيون الخائنات
ففى دوار النهر لا بد
تلقى حتفك
***
ختام
انا يا عصفورتى أرضى قاحلة
وغصنى بعد احتراقه
أضحى هشيما
فأى الهشيم تتشهين أى ؟
ما كان للنهر براءة الطهر
حين ألقى بشباكه علىّ
خُدعت فيك يا نهر فارحم دمع
عينىّ

بينى وبين عينيك

بينى وبين عينيك لغة
وحوار جميل
أى بحر تجلى بعينيك
و أعرف أن البحار
تكتم أسرارها
غير أن النوارس
فضَّاحة
لاخضرار الحكايات
والأشرعة مترعة بقيثارة
عينيك
***
ودعينى
ففى لغتى
يهدر الحزن موجا
وتحترس الكلمات الأليفة
من بريق العيون
وأغادره
لضفاف الحديث
الموزع بين المرايا
وقد تفهمين إشاراته الخاطفة
وترحلين
***
ودعينى
ففى سلتى برتقال النجوم
اتشحت بعينيك
وهذى سماء يبللها
ندى الحزن فى عينيك
لملمى براق دمى
ومعارج أحلامنا الخائفة
واشعلى لحوار العيون
وبرق فراشاتها
شمعة واحرقينى فى عينيك

العزف على وتر الحزن
قراءة فى ديوانى" على ابو سراج وابو زيد بيومى"
1-حالات على أبو سراج

يضم هذا الديوان ثلاث عشرة قصيدة تقع بين سبع وستين صفحة من القطع المتوسط ويختزل الشاعر موضوع خطابه الشعري في هذا الديوان في هذا العنوان المكثف "حالات" الذي اختاره بوابة شرعية للولوج في الديوان هو عنوان مرواغ ينفتح على أكثر من دلالة في حالات الروح وحالات الذات الشاعرة وحالات الوطن وحالات عدم التوافق بين الذات والواقع وحالات القصيدة في مسيرتها الشعرية وتشكيلاتها اللغوية والجمالية ولكن الراصد لهذه الحالات داخل الديوان يكتشف أن نصوص الديوان مجموعة من الحالات الشعرية ذات أبعاد ذاتية وروحية واجتماعية وسياسية
والملمح الرئيس في هذا الديوان هو ملمح الحزن هذا الحزن وليد حالات التصادم وعدم التوافق مع الواقع من ناحية ومن ناحية أخرى فهو حزن مفتوح على الكون كله حزن وليد الحيرة في فهم هذا الكون المجهول وأسراره الغمضة وفى فهم وضع الانسان فيه ففي قصيدة " ماتحبكهاش" يبدو الشاعر حاملا لهذا الحزن الوجودي القلق
يوووه / اما انا ملعون /دا انا زى ما اكون / مسئول عن حال الناس / والكون
فالحزن هنا حالة انبعاث من نفس الشاعر الذي يحمل هموم الكون ويعجز عن تفسيره وإذا توقفنا إمام مفردة " يوووه" التي تكرر فيها حرف الواو لمناسبة خروج النفس العميق الكاشف عن كم الحزن الكامن في النفس فإننا نكتشف أن هذا الحزن هو الذي دفع الذات الشاعرة إلى الانشطار النفسي وتحولها إلى موقف الواجهة بين ذاتين واحدة تريد الخضوع والأخرى تقف موقف الضد في مقابلة فنية صنعها الشاعر ويبدو ان الشاعر كان مدركا لهذا منذ بداية النص فقد جاء الاستهلال معلنا عن هذه المفارقة
مش طايق نفسى / نفسى اتحرر منها / واعيش درويش / او اروح وما جيش لا يحوشنى طريق / ولا باب ولا شيش
وهذا الاستهلال هو بيت القصيد في هذا النص وهو التفسير الموضوعي لهذه الازدواجية التي دفعت الشاعر إلى استخدام تقنية " المونولوج" الداخلي والكاشف عن البعد الانسانى الشفيف في الدات المحملة بالحزن الرافضة لتفسخ هذا الواقع والمعلنة تمردها عليه والتي انتصر لها الشاعر في نهاية القصيدة في مقابل الذات الأخرى
انا كارهك / مش عايز من وشك / حاجة
وعلى نفس هذا الوتر العازف لحنا حزينا والقائم على الحوار الداخلي تأتى قصيدة " مذنب" حالة إنسانية أخرى تفارق بين عالم الكبار وما يحتوى من فساد ممثلا في شخصية الأب وعالم الصغار وما يحتوى من براء وطهر ممثلا في شخصية البن الطفل وتقيم حوارا من طرف واحد بين الشاعر وابنه إسلام مازجة بين هذين العالمين حتى يستحيل الفصل بينهما والشاعر في هذا النص يقدم نفسه لابنه في صورة متهم جنى على هذا الابن حين احضره إلى الحياة وربما كانت حاضرة في ذهنه مقولة أبى العلاء " هذا ما جناه ابى على وما جنيته على احد" يقول الشاعر مؤكدا على ذلك
انا شفت فى عنيك اتهام / ودبحنى جنونك فى البكا / هدد كيان الروح / وزلزل مهجتى / صبحت حطام / والحق معاك /
والشاعر يحاول أن يبرر هذا الاتهام فيخدعنا حين يوهمنا أن الحديث إلى ابنه إسلام ولكنها محاولة في إن يرفع عن كاهله نير ما تعلق بها من خوف وقلق روحي على مستقبل هذا الوليد وهو الذي يعرف أن المستقبل مظلم ولن يحقق ابنه السعادة وعجزه عن أن يصنع لإسلام هذا مستقبل آمن فيأتي النص مناجاة روحية وصراخ بصوت عال
ابكى من خوفى عليك / ح تقابل بكره ازاى؟
ولذلك لم يكن الاعتراف بالخطأ في إنجاب الابن عملا مجانيا وإنما هو مكاشفة الشاعر لنفسة ومواجهة النفس بالتقصير والعجز
غلطان / وعرفت بغلطتى وندمان /انا كنت انانى وعميان/وجريت ورا نفسى الامارة / ف ظلمتك /جبتك بالغصب /للدنيا القاسية الجباره
وهنا تبدو القصيدة أكثر التصاقا بذات الشاعر وكأنها نحتت من روحه فتأتى الجمل الشعرية متلاحقة كأنها اللهاث واختار الشاعر روى الراء وقافية الهاء الساكنة فكانت كل قافية زفرة الم تخرج من روح الشاعر والغريب أن الشاعر في هذا النص أن الشاعر يخالف الفطرة الانسانية في علاقة الآباء بالأبناء أو الأطفال فلقد فطرت الإنسانية في أقسى حالات الألم على استقبال الأطفال بهالات الفرح حتى إن منهم من يرى أن مداعبة الأطفال فيها تخفيف عن الروح لأنها هروب إلى عالم البراءة المفتقد بيد أن الشاعر يكسر هذه القوانين حين يناغى هذا الوليد بهذا الكم من المرارة والحزن وذلك إنما لكونه شاعر متمرد كشأن الشعراء جميعا على التقاليد المتوارثة في التعامل مع نواميس الحياة ومن منها كان هذا الموقف الذي تولد عنه رغبته في ان يرسم حدود المستقبل لابنه وان يضع له الخطوط العريضة التي يسير عليها حتى يضمن المستقبل
اسلام / لو عايز تنفد بحياتك / وتقضى يومينك بسلام / اتعلق باللى يحبوك / واستغنى يمكن تديلك / اتعفف/ واقبض على دينك / وفى حلمك خليك معقول
وكان الشاعر هنا يوقف آلة الزمن عند فهمه هو للحياة ناسيا أن الظرف التاريخي حين يتغير يتبعه تغير شامل في نواميس الحياة ومنها الذات الإنسانية فإنسان الأمس يختلف عن إنسان اليوم برغم قراءته لكل وصايا الآباء والأجداد وان حاول الشاعر أن يوهمنا انه يقدم هذا الوصايا في ساحة المطلق الانسانى حتى لا تختص بإسلام وحده وإنما تختص بكل من هم في حالته
وفى حالة من الحالات التي ترصد فيها كاميرا الشاعر الأبعاد الواسعة وتتمدد بكادر الرؤية في محاولة للانفلات من مدار الذات إلى مدار الوطن يرصد الشاعر حالة الهيمنة الأمريكية على الوطن في محاولة لإدانة هذه الحالة وإدارة التشوف الشعري عنده إلى وجه الوطن ويبدو ذلك في قصيدة " القطة السودا " مستغلا في ذلك توظيف المفاهيم الشعبية في كراهية القطة السوداء وما نسجت حولها من أساطير فى الرمز بهذه القطة إلى أمريكا فجاء الرمز مفعما بالدلالة ويستهل الشاعر هذه القصيدة استهلالا اقرب إلى العفوية والغنائية
القطة السودا طالعة / بتمزمز فى الفيران / والحية لسه حية / بتولع الغيطان
ويتميز على أبو سراج فدرته على التقاط المفردات العامية الضاربة في عمق الموروث اللغوي الشعبي مثل مفردة "بتمزمز " بما تحمل هذه المفردة من التعبير عن حالة اللذة والرغبة في الإشباع والارتياح النفسي الذي تشير إليه المفردة في حالة مزمزة أمريكا في فئران العرب والشاعر في هذا النص لا يتوقف عند حد وصف الحالة وإدانتها وشجبها بل يمتد في نصه إلى تقديم الحل وإبداء الرأي في أن القوة هي الأساس في صد هذا العدوان الفكري والسياسي
وانت يابو قلب بارد / ياعرة الفرسان / الدنيا بتستحثك / انطق /سمعها صوتك /عيشة واخرتها الموت/ قاوح / اصمد /عارض/ الحزن ظرف عارض/ والفرح اولى بينا/ انوى وربك معانا / قوم كسر القضبان
وبرغم النبرة الوعظية في هذا المقطع وعد استساغتنا لمفردة " بتستحثك " لأنها تدخل في إطار التعقيد اللفظي إلا أن هذا المقطع يعتبر الصوت الأعلى في النص والذي يستصرخ الشاعر فيه أولى الأمر لأنه يرى أن حل القضية في القوة لا المهادنة
ومن الملامح الرئيسة أيضا في هذا الديوان ملمح الفقر ذلك الفقر الضاغط في المجتمع والذي تتكسر على أرصفته أحلام شريحة كبيرة وسائدة في المجمتع والشاعر مهموم بهذه الحالة متلبسها تارة عارضا مساوئها وتارة يساوى بينها وبين الموت وتارة يفضحها كاشفا عن أنياب الفقر التي يغرسها الأغنياء سهاما موجهة إلى عيون الفقراء وتكاد تكون ملاصقة لواعيته الشعرية فتدور مفردة " الفقر والفقرا " كثيرا فى اروقة نصوصه ويكشف عن ذلك في قصيدة " خطى يا موت على كل الفقرا" وهى قصيدة اشبه بحالات السخرية الباكية
احنا نموت احسن لاسيادنا / احنا يارب ارزقنا بجلطه / خلى اسيادنا يارب تعيش / من غير غم ومن غير هم / هما احق/ طبعا احق / واحنا نغور م العيشة الزق / خطى يا موت على كل الفقرا / ما تخليش ع الكوكب اجرا / احنا ان متنا تزول الورطة / احنا عيشتنا اساسا غلطه
وهذه السخرية المشحونة بالألم وان بدت تغلف النص بغلاف الخضوع والاستسلام إلى أنها في الباطن تخفى معنى الثورة على هذه الحالة وتكشف عوار الصراع الطبقي لتحرك الماء الآسن في الأذهان تجاه قضية ظلم الأغنياء للفقراء
وتأتى قصيدة " مستنى اموت" حالة أخرى تعبر عن ضيق الذات الشاعرة بالحياة وتجرد هذه الذات من كل ما تعلق بها وتعريها تماما كأنما الشاعر في حالة مكاشفة مع النفس التي يفضح من خلالها مساوئ العالم والحياة والذات التي فراقت الحياة الفطرية إلى حياة الإبداع والاستشراف من خلال كونه شاعرا ذلك الشعر الذي كشف العالم أمامه وأزال غلالته فبدا على كل ما فيه من مساوئ والشاعر يحمل الشعر في هذه القصيدة عذابات الروح
يوه / يلعن ابوه الشعر / ان كان شوفنى اكتر م اللازم/ وان كان ح يجيب لى الضغط / من يوم ما بلانى الله بقوالته/ ونازل هتش
فالشعر هو الذي دفع الذات إلى قلق الأسئلة حول هذا الكون الملغز وهذه الأسئلة ترهقه ولا يجد لها جوابا لماذا ؟ وأين؟ كل هذه الأسئلة كشفها الشعر ذلك المتشوفة به الذات أعماق الأشياء وهو الذي يدفعها إلى عدم الرضا بالسطح ولكنه يكشف عن عجزة ويواجه نفسه بحقيقة أن الأشياء اكبر منه وان الصوت الفرد حتى وان وصل الى كنه فساد الأشياء لا يقوى على رد كتل الهزائم الروحية فيسخر من نفسه
اتسرق العمر واخرتها / صلحت الكون / طب ايه اللى انا خدته/ من قلع صحابه / غير حرق الدم
ومن هنا يبرر لنا الشاعر لماذا ينتظر الموت ولكنه يراوغنا في انتظار الموت فهو لا ينتظر الموت باعتباره راحة أبدية من ضيق الدنيا التي كبلت الشاعر وقيدت روحه ومنعتها من الانطلاق والتحرر والتعبير عن الانسان كونه إنسان بشفافية وإنما الموت معادل الانتقام وحياة أخرى يحيا فيها الشاعر فوق الأشياء وينظر إلى هذا الكون من عل ساخرا منه ومن خداعه للذات
مستنى اموت / واتفرج على حال الناس/من فوق يمكن ابطل /اقسى على نفسى/ يمكن بعد العمر دا كله ارتاح/ واقدر اكون اللى ما كنتوش /واتخلص/ من هم الهدمة/ وهم اللقمة/ وان شفت الفقر بعينى / ارميه بالطوب / واكشف كل مقالب الدنيا البايخه / ما الوضع ساعتها ح يتغير/ وح اقول كل اللى ف نفسى
ويتميز على أبو سراج في هذا الديوان بقدرته على إيجاد إيقاع موسيقى شديد الحساسية لدلالات النصوص الشعرية بما يصنع تناغما بين الموسيقى والدلالة مضافا إليها بساطة المفردة الضاربة في عمق المخزون الشعبي والعمق الانسانى الذي يلتحف به ضد عوار الحياة ويسد به الفجوة بينه وبين فساد الواقع وكذلك بساطة الجملة التي أبرزت الإطار الموسيقى
والشاعر يبدو انه يدرك تقنيات الكتابة العامية حين يستخدم الأصوات المفردة للماثلة النطق وان كنت اختلف معه في استخدام صوت " الحاء " كثيرا في الديوان من مثل قوله " ح اقول كل اللى فى نفسى" لان صوت الحاء صوت حلقي انفجاري وان كنت أرى أن صوت "الهاء" انسب لأنه صوت مهموس وأتصور أن معظم من كتبوا العامية أو بعضهم استخدم صوت " الهاء" لأنه انسب في الإشارة إلى التنبيه لاستقبال ما يأتي بعده ولان الهاء في اللغة حرف تنبيه أصلا
وإذا كان هذا الديوان يقدم لنا مجموعة من الحالات الإنسانية الممزوجة بالألم والحزن والفقر فان غلاف الديوان الذي جاء متعدد الألوان الزاهية موسوما بالورود لا يتناسب مع ما يحمله الديوان بين دفتيه مما يشكل تناقضا بين الشكل والمضمون ويبقى أن الشاعر له تجاربه التي تميزه عن غيره في شعر العامية



عفاريت أبو زيد بيومي

هل تصنع العفاريت شعرا؟ يبدو هذا السؤال غريبا ولكن غرابته تزول حين نواجه بعنوان ديوان أبو زيد بيومي " العفاريت " هذا العنوان الصادم والمخيف لأنه يثير في واعية المتلقي من أول وهلة معنى الرهبة التي سوف تتحول إلى انفجار انسانى بعد قراءته للديوان ولذلك فقصائد الديوان نوع من إعمال العفاريت التي لا يقوى على فعلها الإنسان لأنها قصائد مترعة بالغربة والثورة مسكونة بالوطن عازفة على لحن المكاشفة عازمة على أن تؤدى رسالتها في حماية الوطن كما يحمل الجندي سلاحه في غمار المعركة
أن الشاعر ككل إنسان ، محدد ومؤقت ، ومحاصر بواقع أمته الكبيرة ، التي يحاصرها خطر أكبر ، هو خطر الوجود ، أو الانقراض الحضاري ، على أيدي حضارات وثقافات أخرى ، تغزو واقعنا من الداخل ، فتفتته إلى أجزاء متناثرة ، من الصعب تجميعها من جديد .
فالشاعر وضمن إبداعه ونتاجه يتجه إلى هؤلاء المهددين الذي هو واحد منهم ، في لحظته التاريخية الراهنة ، منبهاً من خطر الانهيار والانقراض ، ومن الانتحار الذاتي ومن هنا تأتى معظم قصائد الديوان محملة بد فوق جمالية ودلالية باعثة على التحريض والثورة مغزولة بخيوط المكاشف الشعرية لهذا الواقع المزيف ففي قصيدة "شجر اللبلاب" يكشف الشاعر عن هؤلاء المتسلقين الذين ملأوا الأرض زيفا وخداع مما يجل النفوس الشفافة تشعر بالاغتراب الروحي والمادي
لعب وتنطيط /تفانين/ على ساحر واقف في الميادين/بيشكل م الواقفين حواليه/تعابين حيات وعقارب/والناس بحماس بتهيصلوا/فيمد اديه على البدل الواقفة والفاستين/ ويطلع منها حيتان تماسيح/ كان شمع الدهشة على وش الواقفين بيسيح/ يسخن عم الساحر/ ويخلى الناس تشوف الناس كلاب/ شجر اللبلاب عمال يزحف
بريشة حبرها نخاع الروح يرسم أبو زيد هذه اللوحة لأصحاب الحيل الذين يشكلون الواقع وفق مصالحهم إنهم السحرة ولقد جاءت هذه اللوحة من عمق وعى شديد لمعطيات الواقع هذا الوعي الذي وظف البدل والفاستين بديلا عن الإنسان وهذا التوظيف يشير إلى يقين الشاعر بان الإنسان في الواقع تحول إلى مظاهر كاذبة لأنها تختلف كثيرا عن الساحر ولذلك فشجر اللبلاب مستمر في زحفه والشاعر هنا ينبه إليه بشكل ثوري نابع من اغتراب الذات الشاعرة هذا الاغتراب يبدو أكثر وضوحا في قصيدة "عسس"
الليل فى بلدنا /فى كل الشوارع والحوارى /بيمشى على مهله/ ولا حد ابدا من العسس مرة بيتجاهله/امشى ورا الشوارع/ كل الشوارع عسس
بهذه الكارثية يفتتح الشاعر قصيدته هذا الافتتاح الذي يومض في متن النص فحين تتحول الشوارع والنجوم والبحر إلى عسس تصبح الذات في اشد حالات اغترابها إذ لا منجى ولا مفر من هؤلاء العسس ولذلك يتكئ الشاعر في هذا النص على ثقافته الدينية موظفا قصة موسى والفرعون بإسقاط عصري يكشف عن انهيار قوة الحق وانهار الباطل التي أفقدت موسى عصاه فالشعب صار ضعيفا متخاذلا غريبا عن وطنه والفرعون زاد في فجوره فلم يعد يرهب البحر ولا يخشى الغرق
فرعون ما عدش البحر بيخونه / ماعدش البحر يوم يضحك عليه /موسى ضيعنا عصاه/اهرب لفين اعيش دفين المسالة
ومن ثم فان الاغتراب يصبح الخيار الوحيد إمام الذات المسكونة بالعفوية والتي لا ترغب في التلوث ولذلك يعتبر ملمح الغربة من أهم الملامح في هذا الديوان ذي التشكيلات الجمالية والفكرية المتعددة والذي يحمل نصوصا شعرية متفجرة بالرغبة في النهوض بالجماعة الإنسانية التي ينمتى إليها الشاعر أما وجه العفن الذي يثور فى الواقع كاشفة عن أسباب هذا العفن أمام المتلقي لتضعه على مستوى وجدان الشاعر وثورته هذا الوجدان الأحادي فالشاعر من خلال خطابه الشعري لا يعرف المشاعر الرومانسية والمحبوبة عنده هي الوطن وشاهدنا في ذلك نصوص كثيرة في الديوان منها قصيدة روح بتترنح على حبل الوريد /بالرغم من انك حبيبتى/ اختارى وغيرها من القصائد
ولنا أن نتوقف عند قصيدة " بالرغم من انك حبيبتى" التي تبدو فيها البنية الشعرية مخادعة فالقصيدة تبدأ غزلية عفوية وتنتهي سياسية مرة
بالرغم من انك حبيبتى/ فجر بيسرح شعوره فى مراية شرايينى /حلم بيشاور يمامه/طايرة من قلبى المتبل بالصباح /مقدرش اقولها لك بارتياح / والقدس فارده حجرها الميتمى
هذه البداية العفوية المحملة بالشاعر الجميلة تتحول ومعها الخطاب الشعرى للنص إلى حزن دفين لان الذات تفتح عينها باستمرار على هذا الوطن ولا ترى غيره حتى في حالات البوح الوجدانى العاطفى يقف الوطن أمام العين فتنتبه وترتد المشاعر الى الوطن فالشاعر لا يستطيع أن يخدع محبو بته تلك الأنثى ويعلن لها حبه إذ كيف تحب الذات وتعشق والقدس يقيم جنائزه؟
وفى قصيدة" العفاريت " يسلط الشاعر الكاميرا الشعرية لتلقط تفاصيل واقع المهمشين المغتربين عن الوطن المعزولين في عراء العالم الراجفين بالخوف كأنهم أرانب ترجف قابعة في انتظار الموت المدجج بالرعب
السقف ..البوص /النازل من صدره حبال/ف اخرها لنضة /على صدر اللنضة عويل بيرضع غاز/وبيرقص رقصة المدبوح/وحيطان بتبوح بالطوب النى العريان/الا من صورة لابوه/كانت ضحكة صدره فى الصوره/اعلى من صرخة كل رصاص الخواجات/والتانية لجده /الماضى بخطه على كل سطور تراب الارض/ والزارع رجليه فى الطين
إن هذا الوصف التفصيلي مقصود ومتعمد من الشاعر بوصفه تمهيدا يسرق المتلقي وينقله إلى عالم المطحونين وهذا التجريد الشعري الذي يخلو من الموسيقى يدفعك إلى التمسك بمتن النص انه تصوير سردي لعب الشاعر فيه على مفردات المكان ليصنع دراما النص الشعري فبعد هذا الوصف الذي هو مقدمة السرد تجد نفسك أمام عالم حي يطحنه الفقر لكن الشاعر لم يجرده من الحلم فالبطل في هذه القصيدة الدرامية شديدة الخصوبة الجمالية تسرقه لحظ نوم فيرى انه في قصر منيف ينام على سرير هزاز ومن حوله الحوريات بكاسات الخمر ويظل ها الحلم يتمدد على متن النص بكل رغبة الذات حتى " يقوم الواد مفزوع / يلقى جنبيه ع الفرشة /شوية طوب من حلم امبارح وشوية دم"
إن عمق الدراما هنا لا تسمح للفقراء بالحلم فالحلم معادل الموت لأنهم مثل أبطال : كافكا" ينامون في العراء ولا يحق لهم أن يحلموا وهذا يبرر لنا البداية النصية الواصف الكاشفة لمعطيات الفقر المكاني ليخرج من خلاله الشاعر الفقر الروحي والغربة النفسية وهذا الواقع المر الرهيب ، الذي يعيشه الشاعر ، الباحث عن الحرية والكرامة الإنسانية ليصوغها في إبداعه الأدبي . فهو يعاني ثقل الانحطاط الحضاري الذي شوه الإنسان العربي وأفقده إنسانيته الذي أورثنا الجهل والمرض والفقر ، ضمن الاضمحلال والتقهقر في غياهب العالم الثالث وتآمر الدول العظمى ، والزعامات التقليدية على مصادر الاقتصاد والثروات الوطنية ، والقضايا المصيرية ، فالشاعر يعيش كفاحاً طويلاً ومضنياً لاكتشاف ذاتيته والدفاع عن مبادئه وعقيدته ووطنه وعروبته ، مبعثراً في مستنقعات الفساد والتخاذل والتردد ، بين التوفيق والازدواجية ، يعيش في أحواله المتردية من سيئ إلى أسوأ ، فالأنظمة الفاسدة والقيم المنهارة والمجتمع المتفكك ، تبعث به أن يبحث عن حل .. وأي حل ينقذنا من ظلام النفس وغربة العقل والروح .. وهو يتساءل وينبئ ويعكس نتاجه شعراً ، نقوشاً وجدانية في وعي القارئ المجهول ووجدانه .
إنّها مأساة وقضية ، فالكوارث والمحن تمر بنا في ليل آلامنا الطويل ، ليل التساؤل والغبن عاصفة هائجة ، تثير الشكوك !! نحن نجهل ما سوف يجيء .. وما يخبئ لنا القدر ! ماذا بعد هذا الحمل الطويل ؟!
وأبو زيد بيومي راصد لتغيرات هذا الوطن وتحولاته وأتصور ان الهزيمة الروحية لديه من جراء شفافية رؤيته للوطن والتي هي تمثل مرجعيات نصوصه الشعرية دلاليا وجماليا
ويصل قمة الرصد هذا فى قصيدة " ماسكه زمارة رقبتى" تلك القصيدة التي تأخذك إلى التراجيديات اليونانية القديمة التي تعتمد على الجوقة في تحريك دراما النص فقد زاوج الشاعر بين نشيد " بلادى بلادى لك حبى وفؤادى" وهو نشيد اسهم فى تربيتنا الوطنية جميعا منذ أن كنا صغارا ولا زال ولذلك هو واقر في نفوس كل واحد منا وشاحن وطنيته – إن جاز التعبير- وبين مفردات خطابه الشعري العامي صانعا بذلك لوحة فنية جميلة اعتمدت اللون الأبيض في نشيد بلادي واللون الأسود في مفردات العامية الطافحة بالقهر ولم يكن اختيار الشاعر لهذا النشيد عبثا أو صدفة وإنما يكشف عن وعى شديد بما يفعله الشاعر ويدل دلالة لا تقبل الشك في سكون الوطن في روح الشاعر التي استدعت هذا النشيد للتعبير عن أزمته وغربته
(بلادى بلادى لك حبى وفؤادى) اما انا ابقى اشطبى اسمى من سطر احبابك /مفيش على وفا ولا دفنتى ترابك/ انا اللى عضمى انبرى /دهسوه ف اعتابك/لميته ملح ف عيش/ قدمته لولادى/(بلادى بلادى لك حبى وفؤادى)
هذا التزاوج الفني أو التناص صنعه الشاعر بمهارة فنية عالية وزرع فيه معنى الغربة بتكثيف شديد وكأنه يرفض أن نردد الاناسيد الحماسية دون وعى ودون أن تكون محققة للوطنية الصافية الصادقة في الذات فكلنا وقر فى نفوسنا هذا النشيد بما يحمل من معان وطنية يراها الشاعر زائفة ولذلك يطلب من البلاد ان تشطب اسمه من دفتر احبابها فهو ليس واحدا منهم
وأتصور ان هناك معاني شعرية تخرج من واعية الشاعر فى لحظة البوح الشعري التى لو تدخل العقل فيها لأفسدها ويظهر ذلك فى التراكيب الشعرية والأنساق الجمالية التى هى فوق العقل وهذه الأنساق تشف عن توهج روحي ومن هذه التركيبات قول الشاعر فى هذه القصيدة على نفس المنوال
(كم لنيلك من ايادى ماسكة زمارة رقبتى/ كاتمة صرخة يوم ميلادى/ساحبة روحى من كرامتى /حارمة اهلى من حدادى/ بلادى بلادى لك حبى وفؤادى) وهذا المزج شديد العفوية لم تصنعة واعية الشاعر وانما هو دفقة شعورية خرجت من اللاوعى حتى على مستوى الكتابة فكل المقاطع التى استعارها الشاعر من النشيد يضعها بين قوسين كبيرين مغلقين إلا هذا المقطع فانه لم يغلق القوس إلا فى نهاية المقطع الممزوج
ثمة تقنيات فنية لا يمكن ان نغفلها فى هذا الديوان لما لها من حضور جملاى جيد منها
1- الاستهلال
لعل وعي الشاعر بأهمية الاستهلال ووظيفته يجعله يستهل قصيدته بصورة جمالية مكثفةتصدم القارئ وتستثير أقصى غريزة حب الاستطلاع لديه، بغية جذبه إلى أجواء القصيدة. وهو أسلوب ذو حدين؛ إذ لو تبين للقارئ أن القصيدة لم تحتفظ بألقها بعد الاستهلال، فإن خيبة أمل المتلقي لا يشفع لها براعة الاستهلال ونجاحه.ونجد هذا كثيرا فى مطالع القصائد عند الشاعر منها
مطلع قصيدة "غيبنى فيك /العسس/روح بتترنح على حبل الوريد/بالرغم من انك حبيبتى/تجاعيد ولنا لاان نتامل مطلع قصيدة " تجاعيد" على سبيل المثال
تجاعيد جبين الارض /تستنى المطر /ونا جبينى ينتظر تجاعيد /ف سجن الروح مسجون يا حسد /ويوم ما تفلت من بين ضلوعها/ تدوب
فهذه المافرقة بين الروح والارض والمطر واالمفقود فى مقابل الانسانية المفقودة للروح تجعل الاستهلال مفجر لماعنى النص ويمسك بذاكرة المتلقى التى لا تجد بدا من متابعة النص والالتصاق به
2-الجملة الشعرية
فى معظم قصائد الديوان نرى البناء الناضج للجملة الشعرية المشحونة بالصور التى تخدم المعنى فى الجملة وقدرة الشاعر على اصطياد ادق المشاعر المتوارية فى عمق هذا التكثيف الجمالى من مثل " ترتخى اعصاب كلامه / تتكسر اغصان لسانى/ تتهز فروع القلب خريف/ البحر بيعصر كل هدومه ف حلقى/الف لون والطعم باهت"
3-قدرة الشاعر على صناعة ما يسمى بالمتوالية الشعرية القصيدة المقسمة الى عدة قصائد يربط بينها خط فكرى واحد وخيط درامى واحد وقد نحج الشاعر فى هذا فى قصيدتين هما "تعريفات /من دفتر احوال المحروسة" والتى رسم فيها صورا كاريكاتورية ساخرة لمعطيات الوطن التى تحولت الى قوالب جامدة والسخرية عمقت المعنى الفكرى الواحد الذى ينتظم هذه المتواليات منها
النطاح
اله قديم/"مازال يعبد حاليا"/ما لوش معابد او مقر /بيعبده اللى علا والمحتقر/ بقرون رشاوى او وساطة/فى بساطة/ ينطحك تعلا فى سما/او ينطحك تهوى ف حفر
وان بدا كل جزء من القصيدة يشبه التعريفات القديمة لكنها حيلة مراوغة من الشاعر اكتيدسبت فنية جميلة وان افسدتها لاجملة بقرون رشاوى او وساطه لانها فضحت عمق المقطع وتشك فى ذكاء المتلقى
وبعد فان ابوزيد بيومى شاعر جميل لديه قدرة ايضا على رسم اللوحات الفنية الناطقة بالمعانى الجمالية والفكرية فى قصائده


























الصورة الدينية فى أدب نجيب محفوظ


الدين؛ مطلق مفهوم الدين عند نجيب محفوظ يمثل ظاهرة واضحة لا تخطئها العين في رواياته جميعا استعرض من خلال شخصياتها ومواقفها تنوعا ثريا من الاختلاف حول دوره في الحياة، وأحيانا تفسيره والحكم عليه في قدرته على حل المشكلات والإجابة عن الأسئلة المتواردة على الإنسان في كليته، وهنا محفوظ غير معنيٍ تماما بمدى صواب الدين بمعتقداته وتشريعاته من خطئه، بل هو يصب اهتمامه على مدى هذا التأثير في كيان المجتمع ومدى استجابة أفراده له وتعاطيهم معه.
ومن أبرز الشخصيات التي تناول من خلالها محفوظ أفكاره حول الدين وتعد الأبرز بالنسبة إليه كونها تشير إليه بوجه من الوجوه شخصية كمال في ثلاثيته، كما أن روايته " أولاد حارتنا " , " الزعبلاوي " والتي نشرت بعدها بعامين فقط هما المدونتان الرئيستان اللتان تعبران أصدق تعبير عن توجهات محفوظ حول الدين وقضاياه بدءً من الإيمان بالغيبيات وانتهاء بدور الدين في الحياة، وهو يرسم كل ذلك بلغة محترف يعي كيف يمكنه أن يلخص الأفكار العامة في صورة رمزية يمكن استيعابها بما تحمله من تناقضات وتشعبات، وتأخذ علاقة محفوظ بالدين أبعادا متعددة أبرزها نقده للمفاهيم المغالطة التي يعتقد أنها استولت على الناس من خلال محاولته كشف المخبوء حول التناقض الإنساني الناتج عن المفارقة بين اعتقادات الإنسان وسلوكياته.
ومحفوظ رجل متدين بشكل أو بآخر سواء أكان في قبوله للدين أو حتى في رفضه له، وإن أي قراءة شاملة لكتاباته وإنتاجه لتشعر بها محركا ومحفزا قويا إلى جدل واسع ونقاش عريض حول دور الدين في الحياة، بمعنى أن روايات محفوظ لا تعطي إجابات بقدر ما تفتح أبواب واسعة للسؤال والتساؤل، وهذه طبيعة متأصلة في محفوظ؛ طبيعته الفلسفية القائمة أصلا على التساؤل الذي لا ينتهي إلى إجابة تنهي أي قضية مطروحة بل هو في حالة دائمة من الدوران في متاهة التساؤل، فهو الحائر الباحث عن حقيقة الكون والوجود منذ بداياته ودراساته الأولى، وبحثه تاليا عن الإنسان في دروب حاراته وبين فتواتها ونماذجها البشرية المتنوعة التي أبرز من خلالها ألوانا شتى من التصورات والرؤى والأفكار مما كان يدور وتم مناقشته ليس فقط على مستوى الأدب والفكر بل على المستوى الشعبي بين البسطاء من الناس الذين يلجؤون إلى الحسين أو السيدة زينب أو المجذوب أو حتى التبريرات الغيبية لانكساراتهم وهزائمهم، كل ذلك يحكي قصة مجتمع بأطيافه وألوانه بشتى تجمعاته وفسيفسائه.
برغم ما ترصده هذه الدراسة المقتضبة والموجزة شديدة الإيجاز عن رؤية محفوظ للدين في الحياة من عبارات يراها البعض فجة أو قاسية أو تحمل شيئا غير قليل من السخرية؛ ولكنها قد تكون من وجه آخر فرصة متاحة لنا جميعا لمناقشتها وتفكيكها وتحليلها بشكل يضمن لنا أن نتعرف على هويتنا وحقيقة تأثير الدين في حياتنا ـ سواء كنا مع أو ضد ـ ، ولماذا يصبح ملجئونا الأخير إذا تحزبت علينا الهزائم وتوالت الانكسارات واستشرى الفساد، فمن الملاحظ أنه عقب كل انعطافة هابطة في حياتنا الاجتماعية أو إخفاقة في اختباراتنا السياسية أو سقطة في مشاكلنا الاقتصادية نجد تعريجا وتعلقا بالدين كل الدين في شتى أشكاله وصوره بصوفيته الروحية أو سلفيته الأصولية أو وسطيته التجميعية أو غيرها من أشكال التدين التي نجدها في المسيحية كما نجدها في اليهودية سواء مع الإسلام في هذا التلون والتدرج تجاه فهم الدين وتطبيقه وتنزيله على أرض الواقع.
وقبل أن نصل إلى نتائج دراستنا نعرج قليلا على نماذج من رؤية شخصيات محفوظ للدين ومدى توفر القناعات به في الممارسات والسلوك وفي الاعتقاد والتصور، فأحمد عبد الجواد الذي يوقر المشايخ ورجال الدين يقول مخاطبا زبيدة الراقصة:" لماذا لم تتكرمي بضربي؟ فهزت رأسها وقالت ساخرة: أخاف أن أنقض وضوئي، فتساءل في لهفة، أأطمع أن نصلي معها؟ فتساءلت في دلال ساخر: أتعني يا صاحب الفضيلة، الصلاة التي هي خير من النوم؟ فيرد قائلا: بل الصلاة التي هي والنوم سواء" [بين القصرين: 88]، يقول رشيدي في رواية [خان الخليلي: 114]: " ثم وضع راحتيه حول قذاله كمن ينوي الصلاة، وتمتم قائل : "بسم الله الرحمن الرحيم، نويت الحب والله المستعان"، ويشير على لسان "ياسين" متحدثا عن أحد الوعاظ: "إنه يؤمن بشيئين .. بالله في السماء وبالغلمان في الأرض إذا تأوه غلام في القلعة" [بين القصرين: 391]، كما يقول عن ياسين [قصر الشوق ص 278] : "وربما أول مرة كذلك يشرب فيها كونياك "راقيا" خارج البيت إذ أنه لا يتناول الجيد منه إلا فيما يقتنى من زجاجات في البيت للاستعمال الشرعي"، ويقول على لسان حسين شداد : إنك تجد دائما وراء الأمور إما الله وإما سعد زغلول".
وهذه التعبيرات التي تحمل شيئا غير قليل من الاستهزاء بمقدسات الدين وقيمه على ألسنة شخصيات رواياته كثيرة، ومنها في رواية [ثرثرة فوق النيل ص116] نجد أنيس زكي يقول لعم عبده الغفير: "متى عشقت امرأة آخر مرة ؟ فيرد: أووه. فيسأله ثانيا: وبعد العشق ألم تجد شيئا يسرك؟ فيقول الرجل العاشق: قرة عيني في الصلاة، فيقول أنيس: جميل صوتك وأنت تؤذن. ثم بنبرة مرحة يكمل: ولست دون ذلك جمالا حين تذهب لتجيء بالكيف أو تغيب لتعود بفتاة من فتيات الليل"، ونجده في قصته "الطريق" يقول على لسان إحدى شخصياتها: "وأين الله خالق كل شيء وحافظه ؟ ويقول الكاتب : أين الله حقا ؟ هو عرف اسم الله ولكنه لم يشغل باله قط، ولم تشده إلى الدين علاقة تذكر. وسوف يصمت إلى الأبد دون أن ينبس لسانه بجواب يخرجه من حيرته .[الطريق ص 44]
وهذه قد تكون أهم المواقف التي وردت فيها إشارات أو عبارات وألفاظ تحمل معنيا دينيا؛ ولكنها استخدمت في سياقات ومواقف تحوطها كثير من السخرية المرة بهذه المعاني، واعتقد أن محفوظ لم يأتِ بهذه الألفاظ وتراكيبها هكذا من عندياته ليصدم المجتمع وليحدث لنفسه جلبة وصيتا؛ بل هي مما درج على استماعه من أصدقائه وأصحابه؛ وهم من هم من التنوع الفكري والاختلاف في التحفظ في التعبير، وأحيانا قد تصدر العبارة والكلمة من أحدهم لا يلق لها بالا ولكنها قد أُلقيت في عقل رجل حفاظ عليم بكيفية استخدامها في مجالها المناسب، وفي موضعها الذي يبرز معناها، وإلى الآن قد يكون محفوظ ناقلا لما رأي ولما سمع، وليس في هذا أي نوع من الرؤية المسبقة تجاه قد الدين غير تسجيله لمثل هذه المواقف بما تحمله من دلالات قد لا تعبر عن اعتقاد أو تصور، وغاية ما فيها أنها تحمل دلالات ومعاني ونفسيات أشخاصها الذين قد تخونهم العبارة أو تغرهم اللحظة في حالة غياب العقل بالسكر أو الوله والعشق أو غيرها فتصدر منهم مثل هذه الأشياء عن غير اعتقاد أو تصور.
ولكن هناك جانب آخر لمحفوظ يتجاوز فيه التسجيل والتصوير إلى التصور والرؤية، تمثلها كما ذكرنا سابقا شخصية "كمال" في الثلاثية أو " عرفة " في "أولاد حارتنا" أو الغائب الحاضر في " الزعبلاوي"، فكمال يقول عنه [قصر الشوق 347]: لماذا كتب مقالته؟ لقد تردد طويلا قبل أن يرسلها إلى المجلة، ولكنه كان يود أن ينعى إلى الناس عقيدته، لقد ثبتت عقيدته طوال العامين الماضيين أمام عواصف الشك التي أرسلها المعري والخيام، حتى هوت عليها قبضة العلم فكانت القاضية. [ وفي ص 350] من الرواية ذاتها يقول: "وسيكون في تحرره من الدين أقرب إلى الله مما كان في إيمانه به، فما الدين الحقيقي إلا العلم هو مفتاح أسرار الكون وجلاله، ولو بعث الأنبياء اليوم ما اختاروا سوى العلم رسالة لهم." ويقول كمال في  "بين القصرين": " أريد عالما يعيش فيه الإنسان حرا، بلا خوف أو إكراه، أما الدين فهو أقدم الآثار المتخلفة على وجه الأرض، فمتى يشب الإنسان عن طوقه ويعتمد على نفسه"، وفي [السكرية ص 135] نجد أحمد يقول عن الإسلام: " أعرف أنه دين وحسبي ذلك، ولا أؤمن بالأديان ". ثم يقول : "بقاء العقيدة أكثر من ألف سنة آية لا قوتها، ولكن على حطة بني الإنسان، ذلك ضد معنى الحياة المتجددة"، ويحسم هذه العلاقة فيما قاله رياض قلدس في [السكرية ص152] : "الشيوعية علم، أما الدين فأسطورة"
ولذلك نجد أن رؤية محفوظ تتكامل في جعله العلم المادي التجريبي حيث ظهرت ثقته المطلقة فيه فعرفة لديه من الأعاجيب في حجرته الكثير "ومنها قوة لم يحز عشرها جبل ورفاعة وقاسم مجتمعين. [ أولاد حارتنا : ص 471]، ويؤكد هذا المعنى في بين عرفة وعواطف امرأته، فهي تقول له : "ربك قادر على كل شيء فصمت مليا ثم غمغم قائلا: كذلك السحر فهو قادر على كل شيء" [ص 483] أي أن السحر/العلم قادر على فعل كل شيء، ثم يقول عرفة : "آه لو كنا جميعا سحرة" فتقول عواطف:" لو" ثم تردف قائلة: في زمن قصير حقق قاسم العدالة بغير سحرك. ولكن عرفة يرفض هذا المنطق، فيقول "وسرعان ما ولت أما السحر فأثره لا يزول " [ص 484] ، إن مقتطفات الحوار السابق تحمل أسئلة متنوعة ومشروعة؛  والإجابات عليها ليست هينة أو سهلة، لا سيما وأن الظروف التي أحاطت بالفترة التي ألفت فيها هذه  الروايات كانت كلها صراعا بين الدين والعلم، ويبلغ العلم/سحر عرفة عنده الحقيقة المطلقة التي لا تقبل المناقشة فيما يقوله عرفة ذاته:" أنا عندي ما ليس عند أحد؛ ولا الجبلاوي نفسه، عندي السحر وهو يستطيع أن يحقق لحارتنا ما عجز عنه جبل ورفاعة وقاسم مجتمعين" [ص 498]. وأدرك الناس هذه الحقيقة أخيرا؛ أنه الأمل الذي يتشبثون به لينقذهم مما هم فيه، فقالوا : "لا شأن لنا بالماضي، ولا أمل لنا إلا في سحر عرفة، ولو خيرنا بين الجبلاوي والسحر لاخترنا السحر" [ص 551]، ولذلك يصل محفوظ في نهاية الرواية إلى نهاية الجبلاوي ذاته وموته بعد أن كبرت به السن ووهت صحته، وبقي عرفة بما يملك من قدرة سحرية ومعرفة وعلم، وقد كانت هذه الفكرة الفلسفية مسيطرة على كثير من فلسفات بدايات وأواسط القرن العشرين لاسيما في ظل هذه العبثية المطلقة التي عاني منها الإنسان الغربي خلال الحربين العالمتين وأعلن حينها على لسان عدد غير قليل من فلاسفة الغرب موت الإله ورحيله عن حياة الناس وسيطرة العلم الذي نقل الإنسانية من عوالم الغيب إلى عالم الشهادة.
ولعل أوجز عبارة لخصت ما يمكن أن نقول عنه أنه رأي محفوظ في الدين  ـ  وأشك في هذا ـ ما جاء على لسان مصطفى المنياوي في [الشحاذ ص146]  "إني مؤمن بالعلم والعقل" وانتصاره للعلم وثقته المطلقة فيه، جعله  يقول في [خان الخليلي ص 83] على لسان المحامي: " لا غنى عن التسلح بالعلم للمكافح الحق، لا للاستغراق في تأملاته ولكن لتحرير النفس من أصفاد الأوهام والترهات، فكما أنقذننا الديانات من الوثنية، ينبغي أن ينقذنا العلم من الديانات"
وهذا الصراع بين العلم والدين، والتي هي ملمح أساسي في روايات الكاتب جعلت الأستاذ رجاء عيد يقول في بدراسة في أدب نجيب محفوظ: 62 ] "يمثل نجيب محفوظ في رواياته صورة للصراع بين العلم والدين، ففي عصر أصبح العلم فيه كأنه إله جديد تمزقت في البعض وشائج ذلك اليقين الديني، ويريد أن يقبض عليها من جديد أملا في أن يكونه العلم في قدرته يوما ما أن يهبه هذا اليقين الذي تزعزع إن لم يكن قد ذهب"
كما أن هناك شخصيات أخرى لمحفوظ يمكننا تلمس رأي محفوظ حول الدين من خلالها كشخصية رضوان الحسيني في رواية " زقاق المدق" والذي وطأ أحزان الدنيا بنعليه، وطار بقلبه إلى السماء وأفرغ حبه على الناس جميعا، والشيخ درويش أيضا، والذي هجر أهله وأخوانه ومعارفه إلى دنيا الله، وغيرها مما يحتاج إلى رصد واسع وتتبع حثيث.
ولكن من أين استقى محفوظ هذه الرؤية تجاه الدين، لا شك أن محفوظ كان يؤمن الاشتراكية العلمية إيمانا مطلقا، وأستاذه وشيخه في هذا هو سلامة موسى الذي عرفه على العلم والاشتراكية وبتعبير محفوظ نفسه بعد لقائه معه أنهما داخلا رأسه ولم يخرجا منه.
ولكن هناك جانب آخر خفي عن محفوظ له شديد الصلة بما نحن فيه، فليس الرجل إلا مؤمنا كما قلت بشكل من الأشكال بالدين ودوره في الحياة وهو وإن كان قد ردد ما ردد في رواياته فيبقى هناك مساحة لم تفتح إلى الآن هي مقالاته ومذكراته الخاصة، وهي تحمل جانبا وآلة مهمة للتنقيب في فكر محفوظ من خلال رواياته فيقول مثلا [ نجيب محفوظ يتذكر، جمال الغيطاني ص 14] :" كان البيت لا يوحي أنه من الممكن أن يخرج منه أي إنسان له صلة بالفن، الثقافة الوحيدة في البيت ذات طابع ديني؛ وصلته بالحياة العامة ذات صبغة سياسية، وكان والدي صديقا للمويلحي، وقد أهداه نسخة من كتاب " حديث عيسى بن هشام " نسخة أذكرها جيدا. [وفي ص 81] :" كان الخيط الثقافي الوحيد في الأسرة هو الدين."، هذا غير أمه التي كان مولعا بها ويعتبرها مصدر ثقافته الأولى والأساسية والتي لم يكن له كنف أو حضن غيرها؛ كانت امرأة مؤمنة شديدة الإيمان، تأخذ بيده إلى أولياء الله الصالحين وتدور على المساجد، كما كان محفوظ بطبيعته التصويرية والتسجيلية لحس المجتمع ووجداناته يستمد فكرته عن الدين من أوهام وترهات الناس من حوله وأظنه لم يجد نموذجا صالحا يحمل صبغة دينية يمكنه أن يعطي الإنسان فرصة في الحياة الكريمة. كان محفوظا مفتونا بحرية الإنسان وكرامته، فبحث عنهما في أي مكان وأي سبيل.
 وإذا كانت رواياته وصفا دقيق لواقعه الذي كان يحيى ويعيش من حوله، فمقالاته كانت رصدا لواقعه في فكره وثقافته وهنا نجد ملمحا مختلفا بعض الشيء وآراء تحتاج منا إلى وقفة متأنية ودراسة عميقة ورؤية أبعد غورا من مجرد القراءة العاجلة أو الحكم الجازم على مواقفه وتوجهاته تجاه الدين فيقول مثلا محفوظ:" ومن نعم الله علينا أن ديننا دين دنيا كما أنه دين آخرة." [نجيب محفوظ بين التدين والتطرف، ص 79.] ويقول أيضا ص81 :" وكل حكومة هي حكومة دينية على نحو ما .... ولكن من ناحية المضمون الأخلاقي الذي تلتزم به في معاملاتها وتشريعاتها. ذلك أن الدين من الناحية التاريخية هو المعلم الأخلاقي الأول للبشرية، وانه ما من حكومة إلا وتلتزم في دستورها وقوانينها بالسائد من الأخلاق والتقاليد والقيم، ولذلك لا يمكن أن نعدها حكومة دينية من ناحية المضمون، حتى إن نحَّت الدين جانبا أو نبذته نبذا." ويقول ايضا :" ولكن أحدا لا يستطيع أن يفصل بين الدولة وبين الدين نفسه إلا إذا أرادها دولة بلا قيم ولا أخلاق." [ص 138]
هذه الآراء تفتح وجه آخر لمحفوظ لعلها تكون أكثر وضوحا في التعبير عن رؤية الرجل وفكره، لاسيما وهو قد أشار إلى ذلك في البرنامج الثاني بإذاعة القاهرة أثناء مناقشة نقدية لرواية قلب الليل، حيث يقول " الأيدلوجية في قلبي وليست في عقلي" فإذا كانت الروايات هي قلب ونبض محفوظ فأن مقالاته ومذكراته هي عقله التي يفكر بها
الأدب النسائي في الوطن العربي


مقدمة:
لا اعرف سبب اهتمامي المفاجئ بهذا الموضوع وهذا العنوان ( أدب المرأة ) كما لا اعرف سبب إصراري على متابعته وذلك لأنني كنت أمر على التصنيفات والمسميات التي ألصقت بالأدب مرور الكرام، دون إعطاءه أي أهمية تذكر، خاصة تلك التي تتناول موضوع أدب المرأة والكتابة النسوية، من خلال المقابلات والدراسات والبحوث التي كنت اطلع عليها، فقد كنت اعتبر بان في بعضها نوع من الفذلكة الكلامية والبحث عن المفردات والعناوين التي تثير الفضول أو تملئ الصفحات وتكثر من الأسئلة والتساؤلات حوله لا أكثر، بعد إن فرغت جعبة المثقفين والنقاد والباحثين من إيجاد البدائل عن المواضيع المثيرة للاهتمام، لما تمر به الثقافة العربية من أزمة خانقة أثرت حتى في طريقة تداول ومعالجة ومناقشة هذه المواضيع.
ولم أكن أتصور بأنني سأقع في الفخ واجد نفسي أسير حقيقة مذهلة عن أدب أنثوي كثيف ومهم يتجول عبر الفضاءات الواسعة وبسرعة البرق.!؟
على أن مرد اهتمامي الرئيسي هو الصراحة البالغة والغير مسبوقة لكاتبات كثر إنتاجهن الأدبي وانتشر عبر المواقع الالكترونية الخاصة أو المنتديات ( سأتحاشى الاستشهاد بالأسماء لرفع الحرج ولأنني لست بصدد كتابة بحث أو دراسة أكاديمية ) وبأسمائهن الصريحة وصورة ما كان يتصور أي منا حدوث ذلك ولسنين خمس مضت.!؟... وإنني لمن المرحبين والمشجعين لذلك دون تحفظ وذلك لعدة أسباب.!؟
1-سماع رأي الطرف الآخر بوضوح وصراحة شديدة لم نعتد على سماعه.؟
2-رفع الشعور بالذنب عن الرجل اتجاهها بحرمانها من المنابر الإعلامية واتصالها بالجمهور دون حواجز أو قيود.
3-السماح للكثيرين منهن استعراض مواهبهن والوقوف على حقيقة مستواهن الأدبي والثقافي والبلاغي ورصد مقدرتهن على التأثير في الغير وحجم المناصرة أو الرفض من قبل القراء لطرحهن وأرائهن وكتاباتهن وفي أي مجال أو موضوع كان.
4-تعودهن على الشعور بالمسؤولية الأخلاقية والمدنية اتجاه الغير بحكم استقلالهن في اتخاذ القرار في خوض هذه التجربة ومواجهة الجمهور بحرية كاملة ودون قيود.
5-وأخيرا لان نتاج وفائدة هذه الممارسة الديمقراطية تعود إلى أم أو أخت أو زوجة لأي منا بلا شك. 
 ((  كلمة عارضة وأخيرة للكاتبات الجدد: وهي أنني لا أجد في كتابات بعضهن وصارحتهن البالغة التي تصل حد الإسفاف والإباحية أي مغزى سوى الإثارة الرخيصة.!؟... وبان الخوض بكتابة الأدب الرفيع يستلزم مقدرة بلاغية فائقة وخيال خصب يساعد على إيصال ما نريد البوح به إلى الغير ومن ضمنه رسالة تربية وتأديب دون أن يؤدي ذلك إلى جرح لمشاعر الغير.!؟
وبان الجراءة والصراحة في تناول المواضيع الجنسية ( وهي الغالبة عند الجيل الجديد من الكاتبات ) ( منهن من يتكلم عن أشياء لا يملكن أي تجربة أو ثقافة أو خبرة تذكر سوى سماعها من الغير.!!!؟؟؟ ومنهن من خاض تجربة فاشلة واعتبرنا إياها من المسلمات.!؟...) لا يعطيهن النتيجة المطلوبة لأداء وإيصال رسالتهن إن وجدت. لأنها لا تعدو أن تكون أكثر من عرض لتجربة شخصية تشبه في بعضها تقارير مخافر الشرطة.!؟؟؟ أو جلسة من جلسات العلاج في عيادة للطب النفسي. وبان الكتابة في أي شيء وفي كل شيء سهل جدا. إلا أن الكتابة لنقل رسالة تخدم هدفا أو غرضا إنسانيا -وهو المطلوب- فانه الامتحان الكبير والجدي لهن. ))
 ولهذا لم أتوانى عن خوض هذه التجربة الفريدة في جمع بعض ما كتب حول أدبهن من دراسات ومقالات ولقاءات متمنيا مطالعة موفقة ونزهة طيبة في ربوع هذا المقال تفضلوا خالص التحية والاحترام.
الأدب النسائي في الوطن العربي
الأدب النسائي في الوطن العربي.؟.... أدب المرأة.؟....المرأة والأدب.؟.... الأدب النسوي.؟... المرأة في الأدب والقصة العربية.؟
عناوين كثيرة وكبيرة قد تثير انتباه القارئ أكثر مما تحتويه من فكر وفائدة.!؟....
ولهذا أوقعتني هذه المهمة في الكتابة عن أدب المرأة أو الأدب النسائي في الوطن العربي في حيرة كبيرة والتباس في المدلولات والرموز حتى أنني وقفت عاجزا عن اختيار العنوان المناسب لها.!
خاصة بعد أن اطلعت على أكثر من مقالة ودراسة ورأي حولها. وكدت أن استسلم واترك الموضوع وشأنه، لأنني لم اعتد على الكتابة إلا بدافع الحاجة... وحاجتي كانت دائما وقبل كل شيء تتصل في العثور على الحقيقة، وتفسير الغامض منها، والفهم عبر الكتابة عنها.؟.... ولهذا  تأتي كتاباتي مختلفة في صيغتها عما يطرحه الآخرون، لأنها لم تكن في أي حال من الأحوال إلا محاولة بريئة وصادقة في البحث عن جواب شفاف وصادق.!...
1- والسؤال الأساسي والأول المطروح هو: هل يوجد حقا أدب نسائي.؟... وبالتالي يفترض أن يكون هناك أدبا رجاليا بالمقابل.؟ وما هي خصائصه وصفاته ومميزاته التي تدل عليه.؟ أي بمعنى هل يكفي أن تكتب المرأة موضوعا أدبيا حتى نصنفه بأنه أدب نسائي.؟...  أو تصنيفها ككاتبة أو أديبة نسوية.؟... وهل يصح ويكفي الكتابة في شؤون المرأة ( على تنوعه ) حتى نصفه بأنه عمل يتعلق بالأدب النسوي.!؟...
أرجو ألا يكون كذلك. وإلا تحتم علينا إنشاء نقابات وأندية خاصة بالأدب النسوي مع ما سيفضي إليه هذا التصنيف من ملحقات وتشعيبات وقوانين تميزه عن غيره وتضع له شروطه.؟ وقد يؤدي في النهاية إلى ضم كل من كتب عن المرأة تحت لواءه حتى وان كان رجلا.!؟؟؟
بحيث يعيدنا مرة أخرى إلى نقطة الصفر. والبحث عن مسميات جديدة له تحفظ خصوصية ( أدب وكتابة وربما ثقافة المرأة كوحدة خاصة مميزة بمفردها ).!؟؟؟
ومن ثم ماذا سيكون موقفنا من الدراسات الاجتماعية والتاريخية والطبية والفلسفية والفنية وكل ما يمت للعلوم الأخرى -والتي لا تتصل بالأدب- بصلة.!؟ وتكتب فيها المرأة بحكم اختصاصها وموهبتها ومهنتها.؟... وهل نصنفها تحت الكتابات العلمية التاريخية الفلسفية الفنية النسائية... أيضا.!؟؟؟... أم أن لها تصنيفات أخرى لا نعرفها.!؟
وهل إذا بدأنا على هذا المنوال ستصل الحال بنا إلى طب وسياسة وفلاحة وهندسة وفنون نسائية..الخ..الخ..الخ.!؟
2- أنا أتصور وبكل بساطة بان هناك علم وأدب إنساني فقط، يشارك في بناءه وتطوره ونجاحه ذلك المخلوق الرائع الذكي الوحيد الذي استطاع أن ينتصر على كافة المخلوقات ألا وهو الإنسان.... وبان الإنسان بتناوبه في ثوب الذكر أو الأنثى -(( أنا استعضت بالذكر والأنثى عن الرجل والمرأة حتى لا احرم ما دونهما من حقوق (كالأطفال والفتيان) ولما لا الملتبسين في الخلقة والتكوين والجنس ( كالمخنثين) ))- لا يعكس بأي حال من الأحوال إلا هموم جنسه وقد يتجاوزه بدافع روحي وأخلاقي وديني بحت إلى الاهتمام والحماية والدفاع عما يحيط به من خلائق سواء بيئية أو حيوانية لأنه يدرك بحسه الفطري بأنه ينتمي إليها بطريقة أو بأخرى.!
وتصوري ذاك يقودني إلى الاعتقاد بعدم وجود جنسين من الأدب ( أدب ذكوري أو أنثوي) (أنا لا اتفق على ما جاء به البعض من تشبيه الأدب النسائي بالأدب الخليجي أو أدب المهجر.؟؟؟... تمهيدا لتكريسه والاعتراف به .؟؟؟ لان الموضوع يتعلق بجنس الكاتب وليس موطنه إلا إذا اعتبرنا بان المهاجرين والخليجيين من جنس واحد.!!!؟؟؟....) وبان الفارق الوحيد الذي يثير اللبس في وصف وتحليل وكتابة كل منهما تعود في الدرجة الأولى إلى الطريقة التي يعالجا فيها المشكلة التي يتحدثان عنها ونظرتهما الخاصة إليها. والتي تشبه في بعض أوجهها الفرق بين نظرة كاتب صحفي وطبيب كاتب.الخ... وهي تعتمد بدرجة كبيرة على الثقافة والتربية والبيئة الاجتماعية.
وأنا اعتقد بأن التسميات الحديثة التي التصقت بكتابات الأديبات العربيات ( أدب المرأة، أدب نسوي، أو أدب نسائي.!؟..الخ.) لم تكن أكثر من صفات أطلقت على أعمالهن لمحاولة إظهاره والدلالة على وجود أديبات عربيات وأدب يكتبه ويبدع به مثقفات ومتعلمات وكاتبات من الوطن العربي لا أكثر.!؟
خاصة بعد الاستقلال وحملات محو الأمية، والاعتماد على المرأة ومشاركتها في كافة المجالات التنموية، بعد إن كانت مهمشة وأمية وبعيدة عن الأضواء.
وتلك الحالة لم تكن بعيدة عن وضع الرجل سوى انه كان سباقا إلى الانخراط في البيئة الثقافية بصورة نسبية تتناسب مع حجم تفاعله ومساهمته في الميادين الأخرى.
وهذه الصورة بالتالي تختلف من بلد عربي إلى آخر كل حسب تاريخ انعتاقه من الاحتلال ووضع محو الأمية وتحرر المرأة فيه.
ولهذا لا يصح اعتماد تلك الصفات للدلالة على أدب مميز وخاص بعينه لأنها تفرغه من مضمونه وتجرد المرأة الكاتبة الخلاقة من حقوق تداولها للشأن العام ( الغير نسوي ) خاصة إذا ما وضعت في حالة الند والمنافسة مع الرجل في مواضيع ( نسوية ) قد يكون الرجل فيها أكثر إبداعا وقربا في تصويره للحقيقة منها.!؟
فقد يقترب الذكر في وصف حالة ما من مشاعر الأنثى لدرجة أكثر جراءة وصدقا مما يمكن أن تفعله هي ولأسباب تتعلق في الحفاظ على الحد الأدنى من أسرارها الأنثوية.!
وفي المقابل قد تقترب هي في طرحها وتناولها لموضوع اجتماعي أو سياسي أو عاطفي من عقل وخيال وحقيقة الذكر أكثر منه وذلك لأسباب تتعلق إلى إحجام هذا الأخير عن الإفصاح عنها لأسباب تتعلق بالعيب والسمعة والخوف من ربط الحدث بكاتبه.!؟    
وقد لا يصيب التوفيق أي منهما في الوصول إلى تمثيل ووصف مشاعر الطرف الآخر بحيث يقف كل منهما مذهولا أمام الحقيقة إذا ما أنيط اللثام عنها.؟
إذا يقترب كل منهما من الصدق في وصف مشاعر وهموم الآخر بدرجة اقتراب أي منهما من صفاة الآخر.!...
فنجد عند الذكور من يتصف بدفء ورقة المشاعر ورهافة الإحساس وشدة التأثر والتعلق والإخلاص للعائلة والأطفال. كما نجد عند الإناث من يتصف بالخشونة في المعاشرة وحب المغامرة والخروج عما هو مألوف في طبيعتها ومعاملتها للغير. 
ويقتربا كثيرا من طرحهما ووصفهما للحدث إذا ما تناولاه بصيغته الأكاديمية والبحثية المجردة.
3- أن يتم طرح الموضوع بعيدا عن الجنس والاستعاضة عنه بمراحل العمر المختلفة وتقسيمها إلى ثلاث مراحل بارزة ومتفق عليها ألا وهي:
ا- الفتوة: وفيها يبدأ الإنسان باكتشاف ذاته ومحيطه وموهبته. ولا يختلف الكاتب عند أي من الجنسين في نظرته الحالمة البريئة والمثالية للعالم الذي يعيش فيه.! بحيث تبدو الكتابة عنه لا تعدو أكثر من نزهة للمشاعر في حديقة الحياة الغناءة. وهو يمارسها دون أي تحمل للمسؤولية أو أي شعور بوزر وثقل الضوابط الاجتماعية، فأي مشكلة قد تعترضه لا تحتاج أكثر من بضع كلمات أو سطور في قصيدة... بحيث تعود الأمور بعدها إلى نصابها وكما كانت من قبل.؟... فالحياة لديه لا تتجاوز حدود غيمة عابرة تتمدد وتتشكل لترسم الصورة الجميلة التي يحلم بها.!؟
ب- الشباب: وفيها يبدأ الإنسان (من الجنسين) بالكتابة ورسم العالم الذي يحيط به بشيء من الشاعرية والخيال ولا يخلى في بعض الأحيان من الثورة.؟...
لقد بدأ يكتشف العوائق التي تحيط به والمتمثلة بالقوانين والأعراف والعادات والتقاليد الاجتماعية...هذا بالإضافة إلى سلسلة طويلة من الإشارات والرموز القابعة هاهنا في عقله ووجدانه تتربص به وتحد من طموحه.!؟... وفي بعض منها انعكاس لأمر صارم من أب يهابه.؟ أو دمعة دافئة سخية كانت قد سرت على وجنيني أمه الناعمتين تهزه.؟ وبينهما تتجسد تلك التعاليم الدينية التي تربطه بالخالق وتجمع بينه وبين ملائكته ورسله المبجلين والمفضلين لديه....ولا يستطيع مواجهة أي منهم وتحت أي عذر. فهم يسكنون كيانه ويشكلون جزءا لا يتجزأ من شخصيته واسمه وضميره ولا بد من التعايش معهم ولو كان ذلك على حساب حريته الذي تمناها واشتهاها.؟... ولهذا لا يتأخر من بث لواعجه ومشاعره ومآسيه على الورق دون أن يقترح حلولا لها.؟... فهو مستسلما في كل الأحوال لقدره لا حول له ولا قوة.!؟
وبعض كتاباته الحالمة الخجولة قد تطفق بالمعاني النبيلة والحب المفعم بالصدق.... والأمل بمستقبل طيب ومشرق حر.... جاهز لكي يغدق بكل ما لديه من عطاء لمجرد أن ينتهي من العبودية التي يعيش فيها،... متوجها لبناء حياة مشتركة مع الطرف الآخر.!؟ فهم يتشابهون بقدر ما في الصيغة والطرح.!
ج-سن الحكمة أو الرشد: حيث يبدأ كل من الجنسين باختبار معرفته لذاته وكشف مشاعر الطرف الآخر بحكم المعاشرة والخلطة ويبدأ بنقل خبرته ومهاراته إلى الغير.؟
فقد آن الأوان لكل من الجنسين الاقتراب -في تطرقهما للمواضيع المطروحة- من الحقيقة بشيء من التجرد والصدق والشجاعة.!... فلقد انتهت فترة المناورة والاختبار وبات كل طرف على دراية كافية بالآخر لدرجة يستطيع بها الحلول مكانه والتحدث بلسانه بشيء من الثقة والإصرار على لعب دوره كاملا. لقد اكتملت معارفه، ونضجت خبراته، وبدأت فترة العطاء الحقيقي في تدريب وتعليم ونقل النصيحة والمعرفة للغير.! وربما تخطي حاجز المؤازرة والدفاع ورد الظلم عنهم إلى المواجهة، مع كل ما يحمله ذلك من عواقب.؟... فهو الصادق مع نفسه المخلص لمبادئه. 
4- إن سبب ازدهار فكرة الأدب النسائي يعود بالدرجة الأولى إلى عمل البعض على تحجيم دور الكاتبات العربيات وإبعادهم عن أخذهم الدور والمكانة الطبيعية التي يستحقونها. واعتباره أدبا خاصا يراعي نموذجا واحدا وهو النظرة الأنثوية وطريقة معالجتها للأشياء من ناحية وإلباسها صورة المدافعة عن حقوق المرأة -مع ازدهار حركات تحرر المرأة في العالم بشكل عام وفي العالم العربي بشكل خاص- من ناحية ثانية.
ومما أعطى للمدافعين عن هذه الفكرة المصداقية هو اندماج بعض الباحثات عن الشهرة من كاتبات وأديبات الوطن العربي إلى تبني أفكار تلك الحركات بدلا من البحث عن أسباب تخلف وجهل وأمية المرأة في الوطن العربي والتي تعود إلى نفس الأسباب التي يعاني منها الرجل وهم في هذا سواء.!
وكان من نتيجته ازدهار ما يسمى بالأدب النسائي لما كان يتمتع به من حماية ودعم من السلطات الرسمية وفسح المجال واسعا أمام أعمالهن وكتاباتهن لإعطاء المصداقية لبعض الحكومات في الوطن العربي أمام العالم حول إعطاء المرأة حقوقها واندماجها بالحركة الثقافية العالمية.!؟
ولهذا بدأنا نشهد نشاطا متزايدا لترجمة كتاباتهن -عن غير وجه حق- إلى اللغات الأجنبية لأنهن يشتكين فيها من ظلم الرجل والزواج بالإكراه وحرمانهن من العمل...الخ الخ الخ ( وهو ما يثلج قلب الغرب ويفرحه لأسباب معروفة ) وكلها مشاكل اجتماعية عامة للرجل فيها ما للمرأة من نصيب في القهر.
هذا بالإضافة إلى إنهن لا يضفن إلى الأدب العالمي أي جديد سوى قراءة أعمالهن وكأنه خبر في جريدة ووصف لحالة إنسانية متخلفة ومزرية دون إظهار أي بعد عاطفي أو إنساني أو أدبي لأعمالهن.؟
وهذا ما شجع المصنفين لهن ولإعمالهن على الإصرار بوجود أدب خاص بالمرأة حتى يحافظون على احتكارهم للأدب وملحقاته( الصحافة والإعلام ودور النشر ) بصيغته الذكورية المعروفة.
5- وأخيرا أنا أعلق الآمال على جيل جديد من الكتاب من الجنسين تجاوزوا مرحلة الخوف أو الحرج أو الخجل من تناول أي موضوع ومن أي نوع ومن أي مستوى كان لما تمنحه وسائل  التعلم والاتصال مع الغير من حرية في التعبير وبلاغة وجراءة في الوصف تجعل من كتاباتهم وأدبهم عملا واحدا موحدا بذائقة فنية متنوعة وملونة بألوان ثقافية وموهبية جديرة بالاحترام. وتؤهلهم للحاق بالآخرين دون تردد وهذا ما أتوقعه وأتمناه